بماذا يرتبط التوافق النرجسي بين المدير والموظف؟

“حين يعاملني مديري بتهكم واستعلاء، تنتابني الرغبة في الاستقالة.. لا أستطيع تحمل مثل تلك الشخصية في العمل”، يقول طارق، محاسب في بنك لـ”بزنس برس”.. وعلى نقيضه توضح علا أنه “عندما يصر المدير على تطبيق وجهة نظره، أشعر بأن العمل يسير بثبات، وأمشي على أرض ثابتة، هكذا ننجز أكثر رغم تذمر البعض”.

تتوافق تجربتا طارق وعلا، مع الدراسات التي تفيد بتزايد أعداد المديرين النرجسيين في أنحاء العالم؛ وقد وصفت وسائل الإعلام رجال الأعمال البارزين ـمثل ستيف جوبز وإيلون ماسك وجاك ويلش- بالنرجسيين.

وبحسب الباحثين، يميل النرجسيون -الذين يكونون واثقين من أنفسهم ومعبرين ومبالغين في نقاط قوتهم- إلى تلقي تقييمات قيادية أعلى، ومن المرجح أن يميزوا أنفسهم ويصبحوا قادة ومديرين أكثر من غير النرجسيين.

ولتقييم دور النرجسية في العمل، استطلع باحثون آراء 363 موظفًا من 61 فريقًا من مختلف المؤسسات، وكانت نتائج الدراسة التي نُشرت في 24 مايو الماضي، أكدت أن القيادة النرجسية تؤدي إلى تطوير مناخ سلبي لعمل فريق الموظفين، وهذا ما عبر عنه طارق.

ولدراسة تأثير التوافق النرجسي بين المديرين والأتباع بشكل أكثر دقة، جمع باحثون بيانات من 421 موظفًا و54 مشرفًا مباشرًا في أحد البنوك الصينية، ونُشرت النتائج في مجلة Human Relations في 19 مايو الفائت.

وخلص الباحثون إلى أنه عندما كان لدى المشرفين والموظفين مستويات متقاربة من النرجسية -سواء كان كلاهما شديد النرجسية أو قليل النرجسية- كان الموظفون يعبرون عن شعور أقوى بالتماهي مع مديريهم، وارتبط هذا التماهي بإنتاجية أكثر إبداعاً؛ التأثير الذي رأينا في حالة علا.

وفسروا ذلك أن المرؤوسين النرجسيين ينجذبون إلى المديرين النرجسيين، إذ يعتبرونهم جريئين وكاريزماتيين، وأكثر استعداداً لتحمل السمات السلبية للمدير النرجسي مثل الغطرسة، ما عزاه الباحثون إلى القيم المشتركة والدافع المشترك للإنجاز.

وعلى النقيض، عندما تفوقت نرجسية المدير على نظيرتها عند موظفيه، أفاد الآخرون بانخفاض التماهي مع مديرهم، وبالتالي انخفاض مستويات الأداء الإبداعي.

وربما وجد الموظفون أصحاب النرجسية الأقل، صعوبة أكبر في التواصل مع المديرين النرجسيين، لأنهم يميلون إلى تقدير التعاطف والعلاقات الإنسانية الوثيقة.

ومن المثير للاهتمام في نتائج الدراسة أن تقييمات الأداء الإبداعي لم تتأثر سلباً عندما كانت نرجسية المدير أقل من نرجسية موظفيه، وكأنّ الموظفين النرجسيين، الذين تحركهم رغبتهم في المكانة وإثبات الذات، قادرون على التكيف مع المديرين أصحاب السمات النرجسية القليلة.

تعتبر نتائج هذه الدراسة هامة لمختلف الشركات والمؤسسات لإدارة فرقها والاستفادة من قدراتهم بالشكل الأمثل، مثلاً؛ إقران موظفين شديدي النرجسية بمديرين نرجسيين بالقدر ذاته لتعزيز الأداء الإبداعي، مع تجنب وضع الموظفين غير النرجسيين تحت إشراف مديرين نرجسيين.

وعلاوة على ذلك، فإنّ تقديم تدريب قيادي لمساعدة الأفراد شديدي النرجسية على فهم وإدارة سلوكياتهم من شأنه أن يخفف من التأثيرات السلبية للنرجسية في مكان العمل.