الرد على الإيميل خارج أوقات العمل.. كيف يؤثر علينا؟
“لا أستطيع أن أفصل بين العمل ووقت الاستراحة، فرسائل البريد الإلكتروني تصلني على هاتفي. أحاول التخفيف من هذه العادة وليس الإقلاع عنها رغم الكثير من الكوابيس التي تخص استلام رسائل البريد الإلكتروني، فهي مصدر رزقي، ونظام عملي يقضي أنني كلما عملت أكثر جنيتُ أكثر”، يقول محسن، مهندس ويعمل فريلانسر مع إحدى الشركات، لـ”بزنس برس”.
أما وفاء، خريجة الأدب الإنجليزي، فتقول لـ”بزنس برس”: “رغم صعوبة الفصل نجحتُ جزئياً، وضعتُ حساب البريد الإلكتروني الخاص بالعمل على حاسوب العمل فقط، واحتفظتُ بمعلومات الحساب في ورقة جانبية في حال وجود ضرورة للرد”.
وعلى نحو مشابه لتجربة محسن، يعتقد بعض المديرين أن جعل موظفيهم يردون على رسائل البريد الإلكتروني بعد العمل وفي عطلات نهاية الأسبوع يحسن الإنتاجية..
لكنّ دراسة سابقة، أكدت أنّ أصحاب العمل يخفضون من رفاهية موظفيهم وتوازنهم بين العمل والحياة وأدائهم الوظيفي وإنتاجيتهم، عندما يطلبون مراقبة رسائل البريد الإلكتروني المتعلقة بالعمل، والرد عليها خارج ساعات العمل.
وفي السياق نفسه، أظهرت الدراسات أن رسائل البريد الإلكتروني بعد ساعات العمل تخلق شعوراً بأن رسائل العمل قد تصل في أي وقت، ليلاً أو نهاراً، ما يرفع مستويات القلق، ويؤدي لانخفاض الرضا عن العلاقة، ويسيء لجودة النوم، وهذا ما وجدناه لدى محسن.
وسماه الباحث ويليام بيكر من جامعة فرجينيا للتكنولوجيا “الإجهاد المتوقع”؛ حالة التوقع المستمر لتلقي بريد إلكتروني للعمل بعد ساعات العمل، حتى لو لم يصل أبداً.
ومن المثير للدهشة أن أبحاث بيكر كشفت أن العواقب الصحية الضارة الناجمة عن عدم قدرة الموظف على أخذ وقت بعيداً عن العمل، تؤثر أيضاً على الشركاء العاطفيين للموظفين.
ومن جهة أخرى، كشف ميونغ جي تشون، باحث في جامعة أوبورن، ارتباط الرد على رسائل البريد الإلكتروني بعد ساعات العمل بانخفاض الإنتاجية، وإساءة الموظفين إلى أصحاب العمل، وغيرها من السلوكيات السلبية، مؤكداً الارتباط المزعج بين التواصل المتعلق بالعمل خارج ساعات الدوام، وزيادة إرهاق الموظفين، وذلك في مقالٍ نشره على موقع the conversationفي ١٢ سبتمبر الماضي.
وفي سياق بحثها عن الحلول الصيف الماضي، تقول لورين كويكيندال، خبيرة في مجال رفاهية الموظفين، وأستاذة علم النفس في جامعة جورج ماسون أنّ “أخذ إجازة لمدة أسبوعين كل ستة أشهر، ليس حلاً فعالاً على المدى الطويل الأمر”، لذا تؤكد على أهمية “تعلم كيفية إعطاء الأولوية لإيقاعات العمل والراحة الصحية في الأمدين القريب والبعيد والتي ستحمينا من الإرهاق”، ويشابه كلام الأخيرة أفعال وفاء لحماية نفسها من الضغط النفسي.
وختاماً، يوصي الخبراء بوضع ساعات عمل واضحة والالتزام بها، مع التأكيد على أننا غير متوفرين للرد على الرسائل خارج هذه الساعات، وإعداد رسالة تلقائية توضح فترات عدم التوفر وتقديم معلومات اتصال بديلة عند الحاجة.