
في “يوم المرأة”.. إنها “تلك المرأة تلك النار”
مناسبة تذكّر هذا الكتاب هو “اليوم العالمي للمرأة” الذي يصادف اليوم؛ ففي مجموعتها القصصية “تلك المرأة تلك النار”، تتطرق الكاتبة السورية رباب هلال لمسألة شائكة تتلخص في فك العلاقة الجدلية بين الرجل والمرأة، هذه العلاقة الأزلية التي لم تتكشف خطوطها بعد ولم يتوصل العالم إلى عقد هدنة مع الحقيقة لعدم معرفتها.
تؤكد رباب هلال, التي نشرت قبل سنوات كتابها “قومي يا مريم”، أن مسؤولية المرأة أمام المجتمع أن تكتب عن المرأة كقضية، وبذلك فإن ثمة خطأ في تجسيد هذا الأمر، من خلال فلسفة الظلم والتظلم والتوازن الفكري في المعالجة.

وترى هلال أنها حسمت أمرها أخيراً في هذه القضية، من خلال القراءة المعمقة لنوال السعداوي ببنائها الأدبي، وغادة السمان بلغتها الساحرة.

إشكالية العلاقة بين الرجولة والأنوثة تعيد إلى الاعتبار تأمل المجتمع بكل تفاصيله، فهذه النظرة هي نظرة ثقافية وهو أمر عائد للغة بشكلها الذكري، لكن المجتمعات المتوازنة يكون معبودها أنثى، وهذه اللغة الذكورية في التخاطب إنما تعكس مجتمعاً باعتبارها مرآة له، فالكتابة منذ البداية كانت بيد الأقوى وما تزال، الأمر الذي تجسده تلك القصص.
المجموعة القصصية تضم أربع عشرة قصة قصيرة منها (الغولة)، و(يحدث ذات طفولة)، و(ذلك المساء البعيد)، و(الصفعة) وغيرها، تعالجها الكاتبة بأحرف وكلمات رقيقة وبأسلوب عقلاني قريب من أسلوب إدغار آلان بو في كتابة قصصه، هو أسلوب قائم على الثنائيات والإتيان بمبررات.
ولعل ما يلفت النظر فيها هو نفس القصة (تلك المرأة تلك النار) التي تحمل عنوان المجموعة، القصة تحكي حالة معينة في الفترة الممتدة بين منتصف الليل ومطلع الفجر وهي اللحظة الأكثر غنى بالتفاصيل من خلال ثلاثة طرز من النساء وفي المقابل ثلاثة رجال بمهامهم المختلفة من اللامبالي والشرطي والشهواني، وفي هذا التناسب نوع من التوازن المنطقي، وكذلك في توصيفها للنار بدلالاته الرمزية التي تشتعل من الداخل لتخلق في الأعلى دخاناً وفي الأسفل رماداً، وهو الذي يبقى في النهاية.
رباب هلال قاصّة صدر لها “دوائر الماء والأسماء”، و”ترانيم بلا إيقاع”، و”أجراس الوقت”، و”بساط فراتي”، و”أجمل مكان في العالم”، وهي مجموعات قصصية متنوعة منها ما هو للطفل، والمجموعة قيد المناقشة اليوم صادرة ضمن منشورات وزارة الثقافة السورية لعام 2008.
ملاحظة: قد يتساءل البعض عن جدوى الرجوع إلى كتب قديمة وتحليلها. وردّ “بزنس برس” هو أن الكتاب بوصفه الوسيلة الثقافية الأولى لا يبتعد عن كونه خارجاً من إطار الزمان والمكان.. وتبقى المواضيع المطروحة هي الحكم، علماً أن هذا المقال سبق ونشرته لي إحدى الصحف السورية، قبل أن يختفي موقعها الإلكتروني.