ماذا أضاف محمد هنيدي في “بزنس” البطيخ والتجميل؟ (فيديو)
تعليق صوتي: كوثر صالح
المتابع لمسيرة الممثل المصري محمد هنيدي سيلاحظ أن آخر فيلمين له وهما “نبيل الجميل أخصائي تجميل” و”مرعي البريمو” لم يشكلا تصاعداً مأمولاً في السوية السينمائية لأعماله، بعد توقفه لعدة سنوات بغية البحث عن وصفة جديدة تعيد له الألق الذي حققه في نهاية تسعينيات القرن الماضي وبداية الألفية الجديدة.
الموضوع طبعاً لا يتعلق بنجومية “هنيدي” التي ما زال يحتفظ بها، لكن الخلل الرئيسي هو في مواكبة نصوص تلك الأفلام لروح العصر، والأفكار التي تطرحها، بحيث تتحول كل محاولات هذا الممثل للنهوض بسينماه إلى ما يشبه “سقطات” متتالية من دون أي قدرة على استدراك مكامن الخطأ.
وربما الاعتماد على أفكاره الشخصية كما في قصة “نبيل الجميل أخصائي تجميل” التي كتب السيناريو لها كل من أمين جمال ومحمد محرز، لم تحل عقدة النجاح، فالحديث عن شاب يحلم بأن يصبح طبيب تجميل شهيراً، لكن ضميره الحي وفقره واشتراكه بحب الطبيبة “عليا” مع أشد منافسيه، جعل الأمر صعباً جداً.
الحكاية كان من الممكن أن تحمل الكثير من المواقف الكوميدية الأصيلة، لكن اتكاء السيناريو على مفارقات غير منطقية أضاع الفرصة؛ فهل من الممكن أن يأتي الحل عن طريق زعيم إفريقي أنقذه الطبيب نبيل فكافأه بحقيبة مليئة بآلاف الدولارات فأنقذ حبه لعليا؟ ثم لماذا كل هذا الحشو بشخصيات لا طائل منها بحيث لو تم حذفها لما أثَّرت على السياق العام، من مثل ذاك البلطجي الذي يعالج نبيل جروح وجهه؟
ورغم الإخراج الجيد لخالد مرعي وخفة ظل هنيدي والكاريزما الخاصة التي يتمتع بها ولا يختلف عليها اثنان، إلا أن ذلك لم يكن كافياً لصناعة كوميديا راقية، ولتكون أفلامه مجرد تكرارات للأفيهات التي اشتهر بها، ومحاولات إضحاكاته.
الموضوع ذاته تكرر مع فيلم “مرعي البريمو”، إذ اتكأ “هنيدي” كما في العديد من أفلامه السابقة على شخصية الصعيدي المحببة لدى الجمهور، وهو هنا مُحبِّ للبطيخ بطريقة سريالية، حتى إنه يضعه في غرفة نومه، بينما زوجته محبة للذهب، فتبيع البطيخ وتشتري به مصاغاً باستمرار، لكن للمصادفة في بحث مرعي اليتيم عن أختيه بعدما أخفى جده السر خوفاً عليه من ثأر قديم، يقوم هنيدي بإخفاء ثروة تسلمها من جده بداخل البطيخ، لكن الزوجة تبيعه لتبدأ المفارقات في البحث عن العائلة وعن ثروتها الضائعة.
فكرة الفيلم معقولة، وكان من الممكن أن تؤسس لقفزة في مسيرة هنيدي، لكن ضعف السيناريو الذي كتبه إيهاب بليبل وعدم متانة الحبكة والتهلهل في تشبيك خطوطه الدرامية أوقع النجم المصري في ذات المطب السابق، ما جعل الممثلين على أهميتهم، وأيضاً المخرج “سعيد حامد” صاحب الرؤية الجميلة، غير قادرين على ترميم النقص.
وهناك بعض النقاد اتهموا “مرعي البريمو” بأنه محاولة استنساخ لفيلم “صعيدي في الجامعة الأمريكية” لكن مع سيناريو مخلخل، رغم أن القصة التي كتبها هنيدي نفسه كان من الممكن أن ترتقي إلى مستوى أفلامه التي حققت له نجوميته في السابق.
لنعود ونقول أن الوصفة الكوميدية التي يحتاجها هنيدي خاصة جداً، وأهم ركائزها هي السيناريو الألمعي الذي لا يترك مجالاً للارتجالات الفائضة، ولا يتكئ على مصادفات غير منطقية بغية الإضحاك المجاني، وإنما يكون مبنياً على أسس متينة من كوميديا الموقف المتكئة على أفكار مهمة؛ فالفيلم السينمائي، والكوميدي تحديداً، ليس استعراضاً لقدرات ممثل وأفكاره، بل بناءً متكاملاً قائماً على الذكاء بالدرجة الأولى، وعلى المهنية العالية في كل مفاصل العمل.