Featured Video Play Icon

“لعبة الحبار 2”.. وجديد “بزنس” الموت (فيديو)

تعليق صوتي: إبراهيم جلال

إثر النجاح الكبير الذي حققه الجزء الأول من المسلسل الكوري “لعبة الحبار” Squid Game، لمؤلفه ومخرجه ومنتجه التنفيذي “هوانج دونج هيوك”، تم استثمار ذلك النجاح في برنامج ألعاب ينتمي لتلفزيون الواقع بعنوان “لعبة الحبار.. التحدي”، لكن التحدي الأكبر كان في الجزء الثاني من السلسلة الكورية والتي انتهى عرضها مؤخراً على شبكة “نتفليكس”.

فبعد نجاح البطل “سيونغ غي هون” في تلك اللعبة الدموية أو “بزنس الموت والدم”، إن جاز التعبير، نراه في الموسم الثاني يعود لينقذ العالم، متخلياً عن حلم السفر إلى أمريكا، وكل همّه كشف كواليس اللعبة وفضح المستثمرين فيها، وإيضاح الهمجية التي يفرح لها بعض الأغنياء متشبِّهين بما كان يحصل في حلبات الصراع الرومانية القديمة التي تسترخص الدماء من أجل متعة بعض الأثرياء والملوك.

أي أن هذا الجزء يركز جُلّ اهتمامه على التحول العميق في شخصية البطل، بعد كمّ الأهوال التي خبرها في تلك اللعبة، ليصبح كما أسماه مخرج العمل “الناجي الفضولي” الراغب بمواجهة “لي بيونغ هون” المسؤول عن تنظيم الألعاب، ساعياً إلى إيقافها وعدم السماح بالمزيد من استغلال الفقراء والاستثمار في دمائهم. 

كما أن الموسم الثاني يشهد ظهور العديد من الشخصيات الجديدة، ومنها “هيون جو” المقامر الباحث عن كسب المال من أجل أن يتحول جنسياً، و”نو أول” المعارضة الكورية الساعية للم شملها بابنتها، والأم “كانغ إيه سيم” المتورطة باللعبة بغية تسديد ديون مقامرة لابنها “يانغ دونغ غيون”، ورسام الكاريكاتير “جيونغ سيوك” الذي يسعى لإنقاذ ابنته المصابة بالسرطان.

وعليه، بتنا أمام معضلات أخلاقية جديدة، يتم من خلالها تشريح المجتمع الكوري المعاصر، مع تسليط الضوء قوياً على مفهومي التضحية والنجاة النسبيين، إضافة إلى قضايا الاستقطاب الاجتماعي المفروضة على البشر إلى أحد طرفين لا ثالث لهما، ما يسبب توترات عميقة وصراعات مديدة واغترابات حياتية لا إرادية. 

بمعنى أن الجزء الثاني يلقي الضوء على مصطلحي الحرية والإرادة من منظور فلسفي عميق، فالمشاركون في اللعبة لديهم الخيار إما الاستمرار أو التوقف، لكن مع دخول الحاجة المادية والفقر على الخط، نعود إلى مفهوم المقامرة بالحياة بشكل عام. 

ورغم البطء الذي اكتنف أولى حلقات هذا الموسم، إلا أن الإثارة تعززت بعد ذلك، خاصةً مع التركيز على محاولة أحد ضباط الشرطة التسلل إلى اللعبة بحثاً عن أخيه المختفي، وللكشف عن مديري اللعبة وآلياتها وضوابطها والمسؤولين عنها، إلا أنه يفشل بذلك ويتعرض للموت من قبل أخيه الذي يصدف أن يكون هو قائد اللعبة التي لا تنتهي بفوز البطل وحيداً، ومعاناته مما شاهده، بل اكتشافه بأن شريكه العجوز في أكثر من لعبة كان مدير اللعبة ومصممها، وكل ذلك لتحقيق متعته الخاصة فحسب. 

حتى إن بعض النقاد وصفوا هذا الجزء بأنه مجرد تمهيد للجزء الثالث، لكنه مع ذلك استطاع مع جزئه الأول أن يجعل من تلك اللعبة مقاربة للنظام الرأسمالي العالمي الذي يُرضخ الملايين لقوانينه ويصل بهم الأمر إلى حد التضحية بأنبل مشاعرهم وأجمل أخلاقياتهم في سبيل تأمين أدنى مستويات المعيشة لا غير.

لكنه حتى الحلقة السابعة من جزئه الثاني اكتفى بالإشارة إلى الخلل الطبقي الاجتماعي والاقتصادي، من دون معالجته معالجة درامية بطريقة تدينه ولو من باب رفع العتب، الأمر الذي يجعل من “لعبة الحبار” الذي حقق مشاهدات قياسية، مجرد فرجة دموية عن عالم آيل للسقوط، أخلاقياً على أقل تقدير.