لماذا يصنف بعض المستثمرين الذهب بـ”الملاذ المالي الخالد”؟

يستحضر الذهب صور الملوك القدماء والكنوز المتلألئة والقيمة الدائمة في أذهان العديد من المستثمرين.. ولسبب حيوي على مدى آلاف السنين، كان هذا المعدن اللامع بمثابة مخزن للثروة، وتحوط ضد عدم اليقين، ورمز للازدهار عبر الثقافات.

ولكن، هل لا يزال استثمارًا ذكيًا في المشهد المالي المتغير بسرعة اليوم؟ دعونا نتعمق في تقرير اليوم عبر “بزنس برس” في هذا الأمر. 

الذهب مرادف للنجاح الاستثماري 

على مدار الفترات السابقة لعامنا الحالي تمتع أصل الذهب بقوة مقارنة بالأصول الحالية مثل؛ الاستثمار في البورصة أو العقارات أو في العملات الرقمية. 

في مصر، فلنتذكر الفراعنة حيث كان الذهب عملة وقوة معاً ومرادفاً للنجاح عملياً، وكانت خصائصه المتأصلة من جماله، ومتانته، وقابليته للتشكيل تجعله محوراً لكل شيء؛ من المجوهرات الرائعة إلى الأدوات، وقد عزز هذا من الرغبة – إبان ذلك الوقت – في استخدامه، وطول عمره، وقدرته على التشكيل، كممتلكات ثمينة.

والآن، مقارنة بخيارات الاستثمار الأخرى، يرى بعض المستثمرين ارتفاع أسعار الأسهم أو انخفاضها بحدة، كما توفر شهادات البنوك درجة من الأمان، لكن عوائدها غالبًا ما تكون ضئيلة، ليعمل الذهب كنوع من الموازنة، فعندما تدور الدوائر على سوق الأسهم، يظل الذهب غالبًا مستقرًا نسبيًا. 

هل دوماً يستقر الذهب؟

أظهرت العديد من الدراسات، مثل الدراسة المنشورة في مجلة Journal of Banking and Finance، تفوق الذهب على العديد من الأصول الأخرى على المدى الطويل، حيث العمل كحصن ضد التضخم وتقلبات العملة، وبذلك يصبح أصل الذهب طوق النجاة المالي أثناء العواصف الاقتصادية.

وهذا الاستقرار المتأصل ينبع من طبيعة الذهب باعتباره ملاذاً استثمارياً آمناً؛ فعندما تشتعل التوترات الجيوسياسية، أو تتأرجح الاقتصادات، يتجه المستثمرون غالباً إلى الذهب، بما يؤدي إلى ارتفاع الطلب عليه. 

وارتباطه العكسي مع الأصول الأكثر خطورة يجعله أداة تنويع رائعة، ووسيلة لتنويع المحفظة الاستثمارية والحد من التقلبات الإجمالية في المحفظة من الصعود والهبوط في الأصول المختلفة؛ فهو لا يعتمد على أداء الشركة، أو استقرار الحكومة، أو تقلبات أسعار الفائدة؛ بل هو أصل ملموس له قيمة جوهرية.

والتضخم؛ ذلك التآكل الخبيث للقوة الشرائية؛ مجال آخر يتألق فيه الذهب؛ حيث تميل قيمته إلى الثبات، بل والارتفاع خلال فترات التضخم، فعلى سبيل المثال في سبعينيات القرن العشرين ارتفعت معدلات التضخم، وارتفعت أسعار الذهب أيضاً، ويبدو أن التاريخ يعيد نفسه، بما يجعل الذهب خياراً مقنعاً في أوقات التضخم الحالية.

ويظهر تحديد توقيت السوق للشراء أو البيع وهو المهمة الأكثر صعوبة، سواء كان التعامل مع الأسهم أو الذهب، وللمستثمرين الأذكياء القدرة على الاستفادة من انخفاضات السوق أو تقلبات الطلب الموسمية. مثل تتبع المواسم الذي تشهد زيادة مشتريات الذهب، بما يؤثر على الأسعار؛ ومراقبة مثل هذه الاتجاهات توفر فرص شراء رائعة. 

كيف نتعامل مع الذهب؟

تقول القاعدة الاقتصادية الأشهر على مستوى هذا العالم (لا تضع كل البيض في سلة واحدة)، حيث ضرورة تنويع الاستثمارات؛ فالذهب جزء من استراتيجية أكبر، وليس كل شيء.

وعلى المستثمر فهم طبيعة خيارات الذهب؛ فليس كل شيء هو المجوهرات الذهبية؛ ثمة العملات المعدنية والسبائك وصناديق الاستثمار المتداولة في الأصل، ولكل منها إيجابيات وسلبيات، فمثلا العملات المعدنية أسهل في التداول ولكنها غالبًا ما تكون مصحوبة بمخاطر أعلى مُحاطة بالمكاسب الاستثمارية المحققة. 

ومن الضروري عند التعامل مع أصل الذهب متابعة الأحداث العالمية والمؤشرات الاقتصادية؛ مثل عدم الاستقرار الجيوسياسي، وارتفاع معدلات التضخم، وهذه العوامل بالتأكيد تضر بالأصل الطويل الآجل.

كذلك اتباع الرؤية طويلة المدى؛ فالذهب ليس خطة للثراء السريع، بل لعبة طويلة المدى ينبغي التعامل معها باحترافية؛ وإذا كنت غير متأكد، فلا تتردد في استشارة مستشار مالي وطلب المشورة المهنية. 

وأخيراً؛ فلا تقتصر جاذبية الذهب الدائمة على الحنين إلى الماضي؛ بل شهادة على مرونته كاستثمار، وفي الوقت الذي تتقلب الأصول الأخرى بشدة، يوفر الذهب مرساة مطمئنة، وتمثيلاً ملموساً للاستقرار في عالم مالي مضطرب. 

ويبقى فهم الفروق الدقيقة فيه ودمجه بشكل استراتيجي في محفظة المستثمر سبيله في الحصول على أمن مالي على المدى الطويل.