البيتكوين أم الذهب.. ما الأفضل استثماراً؟ 

معاً لتحقيق الحرية المالية! ماذا ستفعل بعد المرور بسن التقاعد؟ كيف تدخر وتصنع خطة مالية مُحكمة؟

في ظل المصطلحات الاقتصادية الرنانة التي تنطلق كالصرخات على الأذهان، يظل راغب الاستثمار في حيرة من أمره، ما الأفضل استثماراً؟ الأصول الطويلة الأجل كالذهب، أم الأصل المشفر الأكبر على مستوى العالم الذي يحقق الربح السريع، البيتكوين.

يعقوب الراسخ، (اسم مستعار)، شاب ضمن الفئة الهادفة إلى تأمين مستقبلها المادي، ليس هدفه تلبية الرغبة في حصد الأرباح فقط، بل البحث عن وسيلة تضمن حياة كريمة وتعد بمستقبل مالي لا بأس به.

بدأت رحلة “الراسخ” في عالم التداول للعملة المشفرة منذ عام 2010 بالبحث عن المعلومات، لتستمر الرحلة بين التذبذب في القرار الاستثماري والربح والخسارة.

تظل البيتكوين قراراً استثمارياً متوتراً لدى البعض، وبخاصة مع التقلبات التي يمر بها سوق التشفير.

وخلال هذا العام، ارتفعت عملة البيتكوين بنسبة 50% بالتزامن مع انهيار اصطدمت به البنوك الأمريكية التي تركز على صناعة العملات المشفرة، ولتتجاوز بذلك العملة المشفرة، مؤشرات السلع والأسهم الرئيسية، بحسب ما ذكرته CNBC

وجاء ارتفاع الأصل المشفر بعد انهيار بنسبة 65% في عام 2022 وبخاصة إبان الظروف التي مر بها سوق الصناعة من إفلاس بورصة FTX، أحد أكبر بورصات العملات المشفرة على مستوى العالم.

لم يكن الارتفاع غريباً لدى بعض المستثمرين، فقد ظهر إقبال المتداولين على العملة مباشرة، بعد انهيار بنوك السيليكون فالي وسيلفرغيت. 

مشروع تعديني يهدف للربح السريع

تقلب سوق العملات المشفرة لم يبتعد كثيراً عن “الراسخ”؛ ففي عام 2016 شرع يعقوب في التداول بعد محادثات مع الأصدقاء عما توفره العملة من ربح سريع، ومن ثم التعاون لشراء أجهزة تعدين خاصة بالشراكة مع الرفقاء، رغم التكلفة الباهظة لأجهزة الكمبيوتر آنذاك لحد اختفاء بعض المعدات من السوق، على حد قوله. 

وأخذ المستثمر الشاب يجمع معدات التعدين ليؤسس شركته الخاصة معتمداً على التداول بين عملتي البيتكوين والإيثيريوم على مدار 3 أشهر، ليتم التعدين ثم التداول على إحدى منصات التشفير التي ظهرت قبل منصات التشفير الحالية مثل بينانس.

وحقق الشركاء الربح الأول وهو 100 دولار لعدم وجود خبرة كافية بحسب قوله.

إلى أن انخفضت البيتكوين بعد ذلك، وترك الشباب أجهزتهم ليتم نسيان الموضوع الاستثماري.

ولكن عند ظهور الطفرة الثانية لبيتكوين، ووصولها إلى النطاق السعري 60 ألف دولار، اتضح لدى الراسخ وجود فرصة جديدة ليتم استخدام المُعدات المتروكة مرة أخرى. 

ارتفاعات وانخفاضات العملة المشفرة

مرت العملة المشفرة بارتفاعات خلال هذا العام 2023، لتشهد خسارة شهرية للمرة الأولى بنحو 4.6% مع انخفاض سوق الكريبتو ومن ثم ضعف أداء العملة مقارنة بالأسهم والسندات والذهب وفقاً لما ذكرته بلومبيرغ، وذلك بعد تحقيق البيتكوين زيادة بنحو 39% في يناير، وارتفاع الأصل المشفر بنسبة 83%.

 ويرجع الانخفاض والتأثير السلبي الذي مر به السوق إلى ما أجرته لجنة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية من سياسات متشددة ورقابة على سوق التشفير، حيث اعتبرت اللجنة بعض العملات مثل عملة XRP أوراقاً مالية متداولة، ما دفع شركة ريبل القائمة على العملة المشفرة بالدخول في صراع قانوني مع اللجنة المنظمة لنفي مزاعم الدعوى القضائية التي حررتها. 

لم تكن تقلبات السوق وحدها هي السبب الوحيد لانصراف “الراسخ” عن العملة المشفرة، فبعد أن جمع المعدات من جديد واجهته معضلة أخرى، وهي سحب العملة وتحويلها إلى حسابه البنكي، ومن ثم السؤال القانوني عن مصدر الأموال.

فإما أن يدخل في مشكلة قانونية لمنع التداول في بلاده، أو يلجأ إلى وسيط، وفي هذه الحالة عليه أن يدفع نسبة 40% من ربح قليل حصده. لذا قد يكون الاستثمار في الذهب هو الخيار الأفضل. 

الذهب / أصل البيتكوين

يجيب خبراء المال والأعمال عن سؤال: “هل يمكن مقارنة البيتكوين المتقلبة سعرياً بأصل الذهب الذي يعود تاريخه إلى 5000 عام كمخزن طويل الأجل للثروة؟”.. ظهرت العملة المشفرة كعلاج للأزمة المصرفية في عام 2008.

وبحسب بنك جولدمان ساكس، ثمة تفوق لأداء الذهب على عملة البيتكوين لعدم تأثر الأول بالظروف المالية المتشددة، كما يستخدمه المستثمرون كوسيلة للتحوط ضد التضخم، في ظل مرور الأصل المشفر بالعديد من المخاطر. 

وبعكس ذلك يوضح الرسم البياني الصادر من منصة Tradingview تعرض متداولي الذهب لانخفاضات سعرية مُطولة، فمن اشترى الذهب في سبتمبر 2011 كان عليه الانتظار حتى يوليو 2020. كما شهد الذهب أرباحاً بنسبة 21.84% بينما حصدت البيتكوين مكاسب بنسبة 311% خلال العامين الماضيين.

أما من ناحية الاستثمار على المدى الطويل، يتفوق الذهب على البيتكوين كأصل استثماري بخاصة في ظل الأزمات، أو كما حدث إبان الحرب الروسية الأوكرانية، حيث ظهر الذهب كتحوط قوي أثناء الحرب مقارنة بالبيتكوين، رغم استخدام كل منهما للتغلب على العقوبات الأمريكية المفروضة على روسيا. ولكن ظل المعدن القديم أقل في المخاطر من الأصل الرقمي، كما ذكرت إحدى  الدراسات عن العملة المشفرة والذهب.

وفي دراسة أخرى، ظهر المعدن الذهبي بإمكانيات أعلى من الأصل المشفر وبخاصة فيما يخص المحافظ ذات رؤوس الأموال الكبيرة، ليكون متنوعاً ومستقراً مقارنة بالعملة التي تتعرض إلى الكثير من المخاطر. 

هذا الرأي أيضاً لا يتفق معه نسبياً خبير الاقتصاد والأعمال وليد أبو زكي، مؤسس شركة Unblock المتخصصة في صناعة البلوك تشين، فلم يكن العائد الاستثماري المتوقع من الذهب أفضل من العملة الرقمية، حيث يظهر هذا العائد بشكل صريح في الأصلين بصرف النظر عن تقلب سوق العملات الرقمية. 

وأضاف أبو زكي أن الذهب كان وسيلة آمنة للمستثمرين على مر العصور، ولكن صاحبته عيوب مثل؛ التخزين والتصفية وحركة نقل الأصول، وهو ما لم تتمتع به العملة المشفرة، والتي تتسم بمحدودية العرض فقد نرى يوماً ما اقتران الذهب بالبيتكوين بدلاً من الدولار الأمريكي. 

البحث والدراسة يوفران الحل الاستثماري الأمثل

لم تختلف وجهات نظر خبراء الاقتصاد والتشفير والدراسات المتخصصة في مدى أهمية الذهب والبيتكوين للحصول على استثمار يؤمن المستقبل إلى حد ما، ولكن تم الالتفات إلى عيوب ومميزات كل من الأصلين بناءً على الخبرة والممارسة والمنهج العلمي، ليبقى القرار في يد المتداول أو المستثمر.

وفي النهاية، يجب دراسة الأمر جيداً، حيث ينبغي البحث عن مشروع التشفير بصورة كاملة ومعرفة المخاطر الناتجة عن الاستثمار في هذا المشروع، وكذلك الذهب الذي يمثل الأصل للعملة الدولارية. 

شارك المقال: