
أسعار النفط في أدنى مستوياتها منذ 6 أشهر.. ماذا بعد؟
عامر الشوبكي، باحث اقتصادي متخصص في شؤون النفط والطاقة
تراجعت أسعار النفط إلى أدنى مستوياتها منذ ستة أشهر، حيث انخفض خام برنت مؤقتاً إلى 69 دولارًا للبرميل، قبل أن يغلق أمس الجمعة عند 70 دولارًا، فيما هبط خام غرب تكساس الوسيط إلى 67 دولارًا للبرميل.
جاء هذا الانخفاض مدفوعًا بمزيج من العوامل السياسية والاقتصادية، مع دراما التعريفة الجمركية الأمريكية، والمخاوف من عودة إنتاج أوبك+ إلى الأسواق، والضغط الأقصى لترامب على إيران، وفرص رفع العقوبات عن الطاقة الروسية، والحرب التجارية الأمريكية الصينية، ومخاوف استمرار أسعار فائدة مرتفعة لمدة أطول.

العوامل الرئيسية وراء التراجع الحاد في الأسعار
1– قرار أوبك+ بضخ المزيد من النفط:
أدى إعلان أوبك+ عن التخفيف التدريجي لتخفيضات الإنتاج الطوعية بدءًا من أبريل إلى زيادة مخاوف السوق من تخمة المعروض.
ويتزامن هذا القرار مع احتمال ارتفاع التدفقات النفطية من كازاخستان وقرب عودة خام كركوك العراقي إلى تركيا، مما يعزز من الضغوط الهبوطية على الأسعار.
وعليه، فإن السوق يراقب عن كثب ما إذا كانت أوبك+ ستتدخل لاحقًا لتحقيق التوازن في السوق إذا استمرت الأسعار في التراجع.
2– عدم اليقين حول العقوبات على روسيا وإيران:
تصريحات أمريكية تشير إلى احتمال رفع العقوبات عن قطاع الطاقة الروسي في حال التوصل إلى اتفاق سلام مع أوكرانيا، مما قد يؤدي إلى تدفق كميات إضافية من النفط الروسي إلى الأسواق، مع تصريحات متضاربة حول تشديدها بدون اتفاق سلام.
في المقابل، تعهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تطبيق حملة “أقصى الضغوط” لعزل إيران عن الاقتصاد العالمي وخفض صادراتها النفطية إلى الصفر، لمنعها من الحصول على سلاح نووي، مما يضيف حالة عدم اليقين حول الإمدادات المستقبلية.
3– تصاعد الحرب التجارية والتعريفات الجمركية:
سياسة الرسوم الجمركية التصعيدية لترامب، خاصة مضاعفة الرسوم على المستوردات من الصين لتصل إلى 20%، أوجدت مخاوف من تباطؤ الاقتصاد العالمي، ما أثر على توقعات الطلب على النفط.
استمرار الدراما الجمركية بين الولايات المتحدة وكندا والمكسيك، إلى جانب إمكانية اتخاذ الصين إجراءات انتقامية، زاد من الضغط على الأسواق.
4– تراجع الطلب وسط ضعف الاقتصاد الصيني:
لا تزال الصين، أكبر مستورد للنفط في العالم، تعاني من ضعف في قطاع التصنيع وتراجع الاستهلاك المحلي، ما يضعف الطلب على الخام.
في المقابل، تشير التوقعات إلى أن الطلب العالمي على المصافي قد يرتفع بحلول أغسطس، مما قد يساعد في امتصاص بعض الفائض في المعروض في النصف الثاني من العام الحالي.
5– المخاوف من استمرار أسعار الفائدة المرتفعة:
استمرار السياسات النقدية المتشددة وأسعار الفائدة المرتفعة نسبياً، لفترة أطول من المتوقع قد يُضعف النمو الاقتصادي العالمي، مما يزيد من الضغوط على أسواق الطاقة.
التوقعات المستقبلية
رغم هذا التراجع الحاد، إلا أن المشاعر الهبوطية قد تكون مؤقتة، خاصة إذا تعزز الطلب خلال الأشهر القادمة واتخذت أوبك+ تدابير تصحيحية لضبط السوق. ومع ذلك، فإن الأسواق ستظل متقلبة، ويجب على المستثمرين الاستعداد لمزيد من التقلبات قبل أن يستقر السوق عند مستوى جديد.