بالوثائق.. “بزنس برس” يكشف احتيال “المستريّح” في مصر
الوعد بالثراء السهل مغرٍ، ولكن هذا الإغراء بمثابة غمامة ترتديها الأعين عن المخاطر، وتُظهِر شركة FBC الاحتيالية، مدى خطورة الاستثمار عبر الإنترنت؛ فقد خسر المصريون نحو ستة مليارات دولار.
في تقرير عبر “بزنس برس”، نرصد مخاطر مخططات الاستثمار المشبوهة، ونفهم كيفية عمل المحتالين، مع تعلم كيفية الحماية.
جاذبية الربح السريع
نعيش في زمن الفرص الاستثمارية؛ من العملات المشفرة إلى سوق الفوركس، وفرصة جني المال السريع المغرية، وهذه الجاذبية تجتذب المحتالين الذين يتصيدون الأشخاص ممن لا يدركون المخاطر، ويتصفون بالطمع، فلا يمكن تحقيق الطائل من الأموال عبر عشية وضحاها.
استغلت FBC هذه الرغبة في تحقيق أرباح سريعة، متظاهرة بأنها شركة استثمار حقيقية بينما كانت تنفذ واحدة من أكبر عمليات الاحتيال المالية.
أحد الضحايا
في إطار سرد قصص أحد ضحايا الشركة، أكد محمود عطية عدم اقتناعه بفكرة الربح السريع في بداية الأمر، فلا يُعقل أن يأخذ أحد مبلغاً كبيراً بدون جهد أو تعب، ولكن تغير الفكر بمروره بأحد الأصدقاء الذي كذب عليه؛ مؤكداً تجربته مع المنصة والسحوبات الطائلة.
وعندما رأى عطية تجربة الصديق الذي أودع بالفعل 11200 جنيه، عزم على الاستثمار خاصة بعد وصفه لصديقه باستحالة خداعه، وبعد استلاف عطية لنفس المبلغ توجه إلى المنصة بالتسجيل وأدار عجلة الحظ التي جلبت له مبلغ 58 ألف جنيه، ورغب في سحب المبلغ الذي لم يتمكن من سحبه.
يوم الخميس هو يوم السحب كما قال له صديقه، ليُجرب عطية العملية مرة أخرى، ولكن لا جدوى، إلى أن توجه إلى صديقه لسؤاله عن هذا الأمر، ليذكر أن السحب يأخذ فترة 3 أيام عمل، وبعد مرور الفترة المذكورة لم يجد المنصة على الإنترنت، ليتحدث إليه صديقه في النهاية (ما هي قفلت على الكل!).
الاحتيال الاستثماري
تأتي عمليات الاحتيال الاستثمارية في عدة أشكال مُصممة لخداع الناس لإجبارهم طوعًا على تسليم أموالهم، وتتراوح هذه الطرق بين مخططات بونزي أو الهرم المألوفة أو ما يُعرف بالتسويق الشبكي، إلى إعدادات أكثر تعقيدًا تحاكي الشركات الحقيقية بذكاء.
ومن بين الأساليب الشهيرة؛ تقنيات البيع العدوانية، حيث خلق حالة من الذعر تدفع إلى الاستثمار فورًا، مدعين أنها فرصتك الوحيدة لتأمين مستقبلك المالي.
يأتي ذلك مع وعود بعوائد مرتفعة، فغالبًا ما تتفاخر المنصات المشبوهة بعوائد تتجاوز بكثير الواقع، ناهيك عن غياب تام للشفافية؛ فلا تتجاهل أن الاستثمارات الحقيقية صريحة بشأن المخاطر والرسوم والعوائد، ومع ذلك تخفي الاستثمارات الاحتيالية معلومات بالغة الأهمية.
وإضافة إلى ما سبق، عدم وجود تنظيم أو وجود تنظيم مزيف، حيث يتظاهر الكثير من المحتالين بخضوعهم للتنظيم من قبل سلطة وهمية لجعل الناس يشعرون بمزيد من الأمان.
ما وراء احتيال FBC
بدأ صعود FBC النيزكي ببراعة، كمنصة استثمارية قوية تقدم جميع أنواع المنتجات المالية التي تجذب المزيد من الأشخاص، وعبر موقع أنيق على الإنترنت وتسويق مقنع اجتذبوا المستثمرين بوعد بعوائد عالية جدًا.
لم يكن احتيال FBC ضعيفاً، حيث التسويق للشركة كان بلا هوادة، وحملة من الإعلانات عبر الإنترنت وصفقات لبناء الثقة، ثم وجود شهادات مزيفة لإعطاء انطباع بعملية مشروعة.
أما عن خيارات الاستثمار نفسها، تتسم بالتعقيد ومصممة لإخفاء المخاطر الحقيقية المتضمنة، وبعد مرور عدة أشهر من المصداقية والسحوبات المؤقتة أضحى إنتزاع الأموال من FBCكابوسًا، مستشهدة بـ “مشكلات فنية” لا نهاية لها أو “موافقات معلقة”.
تمامًا مثلما ظهرت سريعًا، اختفت FBC، تاركة عددًا لا يحصى من المحطمين والمدمرين ماليًا.
هل ثمة طرق إضافية للخداع؟
لم تكن FBC حادثة فردية؛ بل ثمة من عمليات الاحتيال الأخرى التي تستخدم نفس الحيل؛ حيث تدفع مخططات بونزي للمستثمرين الأوائل أموالاً من مستثمرين جدد ــ حتى تجف الأموال الجديدة وينهار الأمر برمته.
كذلك وجود مخططات الهرم، حيث يربح الناس المال من خلال تسجيل المزيد من الأشخاص، وليس من خلال البيع أو الاستثمار، وتشكل عمليات الاحتيال بالتصيد مشكلة أخرى؛ حيث يتظاهر المحتالون بكونهم شركات حقيقية للحصول على معلوماتك الشخصية، كما تبرز شركات وهمية تنسخ الشركات المشروعة لخداع المستثمرين.
كيف تتجنب تلك المنصات؟
التعلم من الحادثة السابقة والحوادث المشابهة أمر ضروري، فقط تأكد من شرعية المنصة قبل أن تعتزم الاستثمار خلالها، وما إذا كانت مسجلة لدى السلطات المختصة. ويوجد في العديد من البلدان حول العالم قوائم بالشركات المالية المرخصة، لذا ابحث عنها.
اقرأ المراجعات بعناية، ربما تكون الشهادات مزيفة، لكن المراجعات المستقلة تمنحك إحساسًا أفضل بسمعة الشركة، ثم اكتشف من يدير وتحقق من الفريق وخبرته.
احذر من الوعود التي يصعب تصديقها، مثل وجود عوائد عالية مع مخاطر منخفضة، هنا ثمة علامة تحذير، وتذكر أن كافة الاستثمارات تنطوي على بعض المخاطر، وإذا بدا الأمر سهلاً، فمن المؤكد وجود احتيال.
لا تدع أحدًا يضغط عليك؛ فإذا وُجد ما يدفعك للاستثمار الآن، خذ استراحة، وفكر في ما وراء هذا الشخص، والتزم بالطرق الآمنة والمعروفة.
ثق في حدسك، فإذا شعرت أن ثمة شيئًا مريبًا، ابتعد، وبالطبع تفويت الفرصة أفضل من التعرض للاحتيال.
تتطور العمليات المالية المشبوهة هذه باستمرار مع التكنولوجيا، وتزداد خبثًا، وتعني الحماية معرفة الحيل واتخاذ خطوات لتجنبها، وفي ظل وجود إغراء الثراء السريع القوي، فمن الضروري أن تأتي السلامة المالية دائمًا في المقام الأول.
وإذا بدت فرصة الاستثمار جيدة جدًا لدرجة يصعب تصديقها، كن متيقظًا وعلى دراية، واحمِ أموالك من المستغلين.
ويقدم لكم “بزنس برس”، تالياً، أبرز الوثائق التي حصل عليها من محمود عطية الذي تعرض للاحتيال الإلكتروني.
