هل يمكن للحب والعمل أن يترافقا يداً بيد؟

بيَّنت دراسة جديدة أجراها بيت.كوم، أكبر موقع للوظائف في منطقة الشرق الأوسط، أن معظم المهنيين المحترفين يؤمنون أنهم قادرون على الجمع بين الناحيتين، وفقاً لبيان صحفي وصل موقع “بزنس برس”.

وفي الواقع، قال 60% منهم أن لنجاحهم المهني تأثير إيجابي على علاقاتهم، إذ إن ذلك يعزّز من ثقتهم بأنفسهم وسعادتهم العامّة. 

وتقدّم النتائج معلومات معمَّقة حول طريقة تعامل الباحثين عن عمل مع موضوعَي الحب والطموح، والموازَنة بين العمل والحياة في عالم اليوم سريع الوتيرة، بحسب البيان.

التوفيق بين الحب والعمل

بالنسبة لكثير من المهنيين المحترفين، فإن رسم الحدود هو عنصر أساسي للحفاظ على التوازن الصحي. وبينما يحرص 38% من المشاركين في الدراسة على إيجاد فاصل واضح بين العمل والحياة الشخصية، تمنح نسبة 25.4% أولوية للتواصل المفتوح حول الالتزامات المهنية، بينما تركّز نسبة 19.7% على تمضية وقت قيّم مع الزوج أو الزوجة. 

وعلى الرغم من متطلّبات العمل، أشار 46.2% من المهنيين المحترفين إلى أن أعمالهم ليس لها أي تأثير بارز على علاقاتهم. 

من جهة أخرى، قالت نسبة 26.9% إن وظائفهم تعزّز حياتهم الشخصية عبر توفير الاستقرار المالي والنمو المهني، بينما اعترف 15.4% أن الساعات الطويلة والإجهاد في مكان العمل قد يفرضان الضغوطات على علاقاتهم.

ومن اللافت أن معظم المهنيين المحترفين يعتبرون النجاح المهني مصدر تحفيز في حياتهم الشخصية. والإحساس بالرضا في العمل يعني عادة إلى مزيد من الثقة بالنفس والحماس في العلاقات، ويشجّع على تحقيق روابط أقوى بين الشركاء.

اتخاذ قرارات العمل معًا

تؤثّر قرارات العمل عادة على العلاقات الشخصية، وبالنسبة إلى 31.6% من المشاركين، تشكّل استشارة الشريك قبل اتخاذ قرارات مهنية هامّة أولوية بارزة. من ناحية أخرى، تتبِع نسبة 26.3نهجًا أكثر استقلالية، حيث تقدّر دعم الشريك ولكن تتخذ القرار النهائي بنفسها.

ويُعتبَر الإجهاد المرتبط بالعمل عاملًا آخرًا في رسم شكل العلاقات. فبينما تسعى نسبة 30.8%من المهنيين المحترفين بفعالية لفصل تعب العمل عن الحياة الشخصية، تجتهد نسبة مماثلة لموازَنة عبء العمل بهدف تخفيف التوتّر. ويعتمد البعض على شريك الحياة للحصول على الدعم العاطفي، بينما يتجه آخرون للهوايات والأنشطة الاجتماعية للاسترخاء.

الحب والدعم والنجاح

إن نظام الدعم القوي يُمكِن أن يُحدِث فارقًا حقيقيًا في تحقيق النمو المهني. ضمن هذا السياق، قال نصف المشاركين في الاستبيان (50%) أن وجود شريك داعم أمر مهم للنجاح المهني، بينما يقدّر 28.6منهم التشجيع من الشريك لكن لا يعتبرون هذا الأمر ضروريًا. 

ومن شأن القدرة على مشارَكة الأهداف، والاحتفال بالإنجازات، ورفع معنويات الآخر أن تعزّز المسيرة المهنية والعلاقات على حدّ سواء.

تعليقًا على هذه الدراسة، قال رامي لبكي، المدير الإقليمي لدى بيت.كوم: “توضح الدراسة أن المهنيين المحترفين ينجحون أكثر عندما يشعرون بالدعم في حياتهم الشخصية والمهنية. وبالتالي، فإن الحياة المهنية المُرضية لا يجب أن تتحقّق على حساب السعادة الشخصية – بل عوضًا عن هذا، يُمكِن للاثنتين أن تكمّلا بعضهما البعض عند الموازَنة بينهما بفعالية”.

لكن إيجاد التوازن المناسب ليس سهلًا على الدوام. فبينما ضحّى 37.5% من المهنيين المحترفين بمسيراتهم المهنية لأجل علاقاتهم، يجتهد 31.2% لأجل الحفاظ على الاثنتين معًا، بحيث يتم إجراء مساوَمة ما عند الضرورة. والأشخاص الذين يركّزون بقوّة على أعمالهم يواجهون عادة خيارات قاسية، حيث يتطلّب الأمر موازَنة التطلّعات الشخصية مع أهداف العلاقة لأجل عيش حياة مُرضية.

ما الذي يحظى بالأولوية؟

عندما يتعلّق الأمر بالموازَنة بين العمل والعلاقات، يعتمد المهنيون المحترفون توجّهات مختلفة. فقد برزت نسبة عالية بلغت 44% من الذين يمنحون الأولوية لالتزامات العمل مقابل المناسَبات الشخصية، بينما تتخذ نسبة 38.9% القرارات وفقًا للضرورة والأهمّية. وهذا يشير إلى التحدّي القائم أمام الحفاظ على علاقات شخصية ذات معنى وفي الوقت ذاته السعي وراء النمو المهني.

وقد يجد الأزواج الذين يتشاركون الطموحات المهنية توافقًا أعمق ضمن علاقاتهم. فقد كشف الاستبيان أن 55.6% من المهنيين المحترفين يتشاركون الأهداف المهنية مع شركائهم، وبالتالي يتم تعزيز سُبُل النمو المشترَكة. من جهة أخرى، تتبِع نسبة 16.7% دروبًا مهنية منفصلة لكن تحافظ على دعمها لتطلّعات الشريك الآخر.

وفي ظل التطوّر الحاصل الذي تشهده ديناميكيات مكان العمل، يعيد المهنيون المحترفون في المنطقة تعريف معنى الموازَنة بين النجاح المهني والرضى الشخصي. وفي نهاية المطاف، فإن تحقيق التوازن بين الحياة العاطفية والمسيرة المهنية يكمُن أساسًا في الفهم المشترَك، والنقاش المفتوح، ومنح الأولوية للأمور الأكثر أهمية، حسب كل مرحلة من مراحل الحياة المختلفة.