“بزنس الساحات”.. كيف أصبحت أسواق دمشق؟
ظهر “بزنس” جديد في أبرز ساحات العاصمة السورية دمشق، ولاسيما في ساحة الأمويين، وساحة السبع بحرات، وساحة المرجة، وساحة العباسيين؛ هذه الساحات التي تعتبر من الرموز المشهورة لهذه المدينة العريقة.
لكن ولسوء حظ السوريين، ولحسن حظ قلة قليلة من الفوضويين، تحولت هذه الساحات لأسواق تجارية عشوائية وشعبية في آن معاً.
فما إن تطأ قدمك ساحة الأمويين، حتى يطالعك بائع الأعلام، وهو يلوّح بأعلامه عارضاً إياها للبيع، بغرض المشاركة بمظاهرة أو وقفة احتجاجية، أو حتى احتفالاً بالنصر.
لن تطيل النظر طويلاً، إذ إنك ستلتفت بسرعة على صوت يصرخ بالقرب منك، فإذا هو بائع القهوة والشاي، الذي يقف وراء بسطته، ورائحة القهوة تفوح منها، والنار لا تزال تتقد تحت إبريق الشاي الكبير، الذي سيكفي للبيع طوال النهار.
لكن رائحة القهوة تختلط برائحة أخرى غريبة، رائحة لاذعة بعض الشيء، لن يطول الوقت حتى تدرك أنها رائحة البنزين، الذي لوّنت “بيدوناته “الخضراء أطراف الساحة، بدل الورود والأعشاب التي أتلفت بفعل دوس الأقدام عليها في الفترات الماضية، سواء من المتظاهرين أو المحتفلين أو حتى من الراغبين بالتقاط الصور التذكارية، التي سعوا للانتباه لجمالها دون الالتفات لما تدوسه أرجلهم “فهو لن يظهر بالصورة التذكارية”.
لا تبتعد، فهناك أيضاً صرّاف للعملات، يلوّح بالنقود التي يحملها، وهو ينادي “صراف فوري.. سوري ودولار وتركي”.
بالاتجاه لساحة السبع بحرات، ساحة مصرف سوريا المركزي، تستطيع أن تبتلع ريقك وأن ترى المنظر الهائل والمخيف لسيارات الأجرة العمومية “تكاسي” التي تصطف على محيط الساحة.
لكنها ليست تكاسي لنقل الركاب، ولا سيارات “أجرة كما ستظن عندما تراها للوهلة الأولى، انتظر قليلاً وسترى أن هذه التكاسي مخصصة لنقل النقود، ففي ” الطبّون” ملايين الليرات السورية التي تنتظر استبدالها بالدولار ” لكل مَن يرغب”.
أما جسر “الرئيس ” كما كان يسمى سابقاَ، فقد أصبح السوق الأكبر، فكل ما تحتاجه موجود أمامك.
كيلو بزر دوار شمس بعشرين ألف ليرة (نحو دولار)، وكيلو الموز بـ12 ألف ليرة، والبسكويت التركي، والجبنة والمرتديلا وجميع الغذائيات التركية التي تفترش الأرض.
قليلاً لليمين.. قليلاً فقط، هنا بائع للدخان، مع المناداة بتوفر كل الأنواع وبأسعار أرخص من السابق.
ابقَ في مكانك، وانظر ليسارك، سترى عالماً من الألبسة الأوروبية المستعملة ” البالة” تعترم البسطات، أكواماً أكواماً وكل قطعة بعشرة آلاف ليرة سورية “يا بلاش”.
لا تقلق، يوجد أيضاً بسطات لبيع معدات تصليح الأدوات الكهربائية، “مفك، وفاحص كهرباء، وبرايز وأشرطة كهربائية”.
هل من المعقول أن ننتظر من الحكومة المؤقتة أن تتخذ قرارات جديدة بشأن الأسواق القديمة، والتفكير بإلغائها جدياً، فكل ما تحتاجه الأسرة السورية أصبح متوفراً في الأسواق الجديدة.
بالطبع لا، بل نحن بانتظار أن تعيد لمعالم هذه المدينة الجميلة اعتبارها، ونقل المنتجات على اختلافها لتباع في الأسواق، وفي الأماكن المخصصة لها قانونياً.