الفنانون السوريون.. سقوط النظام وسقوط الأقنعة

ما إن سقط نظام الأسد، الذي حكم سوريا أكثر من نصف قرن متواصلة، حتى سقطت معه الكثير من أقنعة الفنانين السوريين الذين عُرفوا بموالاتهم، وكأن الموضوع برمَّته ليس سوى تغيير قناع بآخر، ضمن لعبة تمثيل مستمرة.

وبين السخرية والاعتذار والتبرير والمواربة تأطرت مواقف أولئك الفنانين الجديدة، فـ”سلاف فواخرجي” التي عُرفت بلقاءاتها المتكررة مع الأسرة الحاكمة، نشرت على صفحاتها في مواقع التواصل الاجتماعي أنها تعلمت أن تكون متصالحة مع كل مرحلة، مهما كانت، “لأنها كلها أنا.. وأنا لم تتنكر لأناي يوماً.. وفي كل كلامي ولقاءاتي كنت أقول ربما أكون على صواب وربما أكون على خطأ لكنه رأيي”. كما أنها امتثلت لنصائح بعض صديقاتها بحذف صورها التي تجمعها مع أسماء الأخرس.

تبرير “فواخرجي” يشبه إلى حد كبير ما قام به “أيمن زيدان” حين كتب بأنه كان واهماً وأسيراً لثقافة الخوف، قائلاً: “ربما خشينا من التغيير لأننا كنا نتصور أن ذلك سيقود إلى الدم والفوضى”، مضيفاً: “ها نحن ندخل مرحلة جديدة برجال أدهشنا نبلهم في نشر ثقافة التسامح والرغبة في إعادة لحمة الشعب السوري، شكراً لأنني أحس أنني شيعت خوفي وأوهامي”، وفي النهاية امتلك شجاعة الاعتذار عما كان يراه ويفكر فيه، محاولاً أن يبقى في ذاكرة السوريين في صورة “مفيد الوحش” في “نهاية بطل شجاع” أكثر منه “جميل” بضحكته الفاقعة وسماجته المديدة. 

التبريرات المماثلة حصلت مع أمل عرفة، التي رغم عدم إعلانها عن موقف واضح من الأوضاع السورية المعقدة إلا أنها سارعت إلى المباركة بسوريا الجديدة قائلةً بأن صباح دمشق يوم الثامن من ديسمبر له مذاق لم تعرفه من قبل، لينتقدها الكثيرون، لكن ردَّها جاء دبلوماسياً بأن “اجعلوا قلوبكم خضراء”.

“أيمن رضا” تعامل مع الموضوع بسخريته المعتادة، فما إن تداول الجميع خبر هروب رئيس الجمهورية السابق بطريقة جبانة حتى كتب على صفحاته في مواقع التواصل الاجتماعي “مبروك سوريا.. حدا بيعرف وين هرب سمير؟” متنصلاً من التعبير عن رأيه الواضح في التغيير الجديد والمفاجئ الذي أعلن ولادة سوريا الجديدة.

على عكس المخرجة “رشا شربتجي” التي رغم اجتماعها مع بشار الأسد في آذار الماضي مع مجموعة من الفنانين إلا أنها تمنت أن تكون المرحلة القادمة مرحلة عمل وسلام ومحبة تنصف الشعب الذي ضاق كل أنواع المرار والوجع على مدى 14 عاماً، قائلةً: “بلدنا بحاجة ناس تحبها وتساعدنا لنكسر الخوف بداخلنا”.

وفي مقابل تلك المواقف المتقلبة واظب الفنانون السوريون الذين عارضوا حكم الأسد الابن منذ البداية على مواقفهم، وبذلك لم يضطروا لتغيير أقنعتهم بل ظهروا بوجوههم الحقيقية مباركين للشعب الخلاص من الطاغية وآملين بتحقيق الحلم السوري الذي طال انتظاره في بلد يسوده السلام والأمان والحرية والكرامة المصانة بقانون مدني ومنهم مكسيم خليل، يارا صبري، عبد الحكيم قطيفان، باسل خياط، مازن الناطور، غطفان غنوم، وغيرهم.