“البدو الرقميون”.. أسرار هذا “البزنس”
في القرن الحادي والعشرين، شهد مفهوم العمل تحولاً جذرياً، فلم تعد الوظيفة المكتبية التقليدية من الساعة التاسعة إلى الخامسة هي الطريق الوحيد لمهنة ناجحة. ومع التقدم التكنولوجي والرغبة المتزايدة في المرونة، يتبنى العديد من المهنيين أسلوب حياة البدو الرقميين.
وربما تتساءل: مَن هم البدو الرقميون digital nomads؟ وماذا يفعلون؟ وأين يسافرون؟
البدو الرقميون هم نوع جديد من السياح الذين يفضلون العمل عن بُعد، ويستخدمون الإنترنت لأداء مهنتهم، ولا يحتاجون إلى مكتب، ما يسمح لهم بعدم الاضطرار للاستقرار في أي مكان، وبالتالي قادرون على العمل أثناء السفر.
ويتمتع البدو الرقميون بمزيد من الحرية في تحديد المكان الذي يريدونه، وبالتالي عيش تجارب مختلفة، مع الشرط الوحيد المتمثل في وجود جهاز كمبيوتر محمول واتصال معقول بالإنترنت.
هم لا يحتاجون إلى مكان مادي للعمل، بل إن نقطة الالتقاء يمكن أن تحدث من خلال التكنولوجيا عبر لقاء، ندوة، أو مكالمة فيديو، وهذا يخلق اتجاهاً جديداً في السياحة، وقد يشير إلى الشكل الذي ستكون عليه السياحة في المستقبل.
هؤلاء يوفرون مصدر دخل ثابت لهم على مدار العام، ويقللون الاعتماد على مواسم الذروة السياحية.
بالإضافة إلى ذلك، يميل البدو الرقميون إلى البقاء لفترة أطول وينفقون محلياً أكثر من السياح التقليديين، ما يخلق أيضاً نموذجاً اقتصادياً أكثر استدامة.
وعادة ما يكون هناك ثلاثة أنواع من البدو الرقميون، هم أصحاب الأعمال الحرة، ورجال الأعمال، والذين يعملون لدى الآخرين.
وجهات ممارسة هذا الاتجاه متنوعة للغاية، وتوجد في جميع أنحاء العالم، لكنها عادة ما تكون لها خصائص معينة.
إحدى هذه الخصائص هي الأسعار المنخفضة من حيث الإيجارات، حيث تعتبر أفضل وجهات العالم هي لاس بالماس دي غران كناريا في إسبانيا، وبلايا ديل كارمن في المكسيك، وميديلين في كولومبيا، وهوشي منه في فيتنام، ولشبونة في البرتغال، وبرلين في ألمانيا، وبودابست في المجر، فضلاً عن تايلاند، وإستونيا، وكرواتيا، وإيطاليا، واليابان،
وهناك نوع خاص من التأشيرات، وهي تأشيرة البدو الرقمية التي تسمح للعاملين عن بُعد بالعيش والعمل في بلد أجنبي بشكل قانوني.
ومن خلال تقديم إقامات أطول من التأشيرات السياحية التقليدية، يهدف هذا النوع من التأشيرات إلى تحفيز الاقتصاد المحلي، عبر جلب المهنيين المهرة الذين يساهمون في المجتمع المحلي دون أخذ الوظائف التقليدية من المقيمين.
وبعض البلدان، مثل البرتغال وكرواتيا، وكذلك إيطاليا وحتى اليابان، قدمت بالفعل تأشيرات خاصة للترحيب بهؤلاء العمال العالميين.
وتقدم البداوة الرقمية رؤية بديلة ومستدامة وبطيئة للسفر ورمزاً للحرية ومرونة العمل، إنها تعلم كيفية العيش أكثر أصالة، والاندماج في المجتمعات المحلية والمساهمة في اقتصادها، وتحقيق جدوى ثقافية ونمو دائم للمجتمعات المحلية على مدار العام.