تحدي الافتراضات القديمة حول السرطان

“كان أبي يعاني من سرطان الطرق الصفراوية، وقد ذهب إلى أستاذ جامعي في كلية الهندسة التقنية الغذائية، ونصحه بخلطة أعشاب، آملين أنها ستشفيه بالإضافة لعلاجات الأطباء، غير أنّ ذلك لم يحدث، وتوفي بعد بضعة أشهر”، هذا ما يقول علي (31 عاماً) لـ”بزنس برس”.

وفي السياق نفسه، تؤكد الدكتورة رزان محمد عبد الله، طبيبة في اختصاص الأطفال وحديثي الولادة لـ”بزنس برس”، أن “السرطانات تتزايد بشكل مطرد عند الأطفال في مختلف الفئات العمرية، والعلاجات المتاحة ليست بالمستوى الذي ينقذ حياة الأطفال على المدى البعيد”، ما يؤكد وجود محاولات لتحدي السرطان، وحاجة ماسة لتحدي الافتراضات القديمة حياله، للوصول إلى علاجات أكثر نجاعة.

وتبدأ الخلايا السرطانية كخلايا طبيعية وصحية، ولكن بعد ذلك يحدث خطأ ما -طفرة جينية تحفزها عوامل بيئية مثل التدخين- لتتكاثر بشكل لا يمكن السيطرة عليه، وتكوين أورام وانتشارها إلى أجزاء أخرى من الجسم.

وتجلى تحدي الافتراضات القديمة حول السرطان في دراسة أجراها علماء من المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي، ونشرت في مجلة Nature في أبريل الماضي.

وأثبتوا أن السرطان يمكن أن يتطور حتى في غياب أي طفرات جينية؛ فبعد أن أعاد الفريق الجينومات إلى حالتها الأصلية، وثبّط إشارة الجينومات التي تسببت في تحول الخلايا إلى سرطانية، استمرت الأورام في النمو.

وأكد المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي أن هذا الاكتشاف “يجبرنا على إعادة النظر في النظرية التي افترضت منذ أكثر من 30 عاماً أن السرطانات هي أمراض وراثية في المقام الأول؛ أي ناجمة بالضرورة عن طفرات في الحمض النووي تتراكم على مستوى الجينوم”، وأنّ الخطوة التالية هي استخدام هذه النتائج الجديدة في تطوير علاجات.

وفي سياق تحدي الافتراضات القديمة وأفكار جديدة لعلاج السرطان، عمل باحثو جامعة ماساتشوستس على تطبيق خدعة جديدة، من خلال تحفيز مسار الإنترفيرون الذي يهاجم الفيروسات، والإيحاء للجهاز المناعي بأن هنالك عدوى فيروسية.

واختار العلماء سرطان البنكرياس في دراستهم التي نشروها في 28 أغسطس الماضي، وأكد ماركوس روسيتي، أستاذ علم الأحياء الجزيئي والخلوي والسرطان، المشارك في الدراسة “أصيب ثمانية من أصل تسعة فئران بنخر الورم وانكماشه، بعد تطبيق تحفز مسار الإنترفيرون بالتآزر مع تنشيط مسار TRL4”.

وأشار الباحثون إلى أن الدواء قابل للضبط على أساس كل مريض، لأن هذا النوع من علاجات السرطان يحتاج إلى التخصيص.

إلى ذلك، يوصي الباحثون بضرورة توفير الدعم وإطلاق العنان لأي فكرة تساهم في علاج السرطان، وتشجيع المرضى على الانخراط في التجارب السريرية للعلاجات الحديثة لأنها الأمل الوحيد لإيجاد العلاج.

وختاماً، يؤكد أطباء الأورام على ضرورة الإقلاع عن التدخين، وإجراء الفحوصات الطبية الدورية لأنّ اكتشاف السرطان في بدايته يرفع نسب الشفاء بشكل كبير.

شارك المقال: