تأثير “لا يُصدق” للمواد المخدرة على الذاكرة 

“عندما كنتُ أتناول أدويتي النفسية التي تحوي على مهدئات، كان يحدث شيء غريب في كل مرة تقريباً، وهو أنّ من حولي يذكرونني بأشياء حدثت بعد تناول المهدئ ولكنني لا أتذكر حصولها أبداً، وبعد استشارة طبيبي النفسي، أخبرني أنّ الدواء يحتوي على مادة مخدرة ومن المتوقع حدوث ذلك”، هذا ما يقوله أحمد (31 عاماً) طبيب داخلية عامة، لـ”بزنس برس”.

أشارت أبحاث سابقة إلى أن المواد المخدرة تؤثر على الذاكرة العرضية بشكل مختلف عن المواد الأخرى، حيث تقلل أو حتى تعزز من الألفة؛ أي يألف الحدث دون تذكر تفاصيل محددة.

ووجدت الدراسة -التي نُشرت في 26 يونيو الفائت- أن السيلوسيبين و2C-B(مركبان مخدران لهما دور واعد في علاج الاكتئاب والقلق)، يضعفان القدرة على التذكر، وخاصة بالنسبة للصور المحايدة والإيجابية..

وكان المشاركون تحت تأثير هذه المواد المخدرة أقل دقة في تذكر تفاصيل معينة من الصور التي شاهدوها من قبل. 

والأمر الأكثر أهمية، أن الباحثين كشفوا عن زيادة في الإنذارات الكاذبة القائمة على الألفة، وكثيراً ما أفاد المشاركون بإحساس زائف بالألفة مع الصور التي لم يروها، وخاصة بالنسبة للصور المشحونة عاطفياً.

وهذا الأمر يشير إلى أن المواد المخدرة تزيد من الشعور بالألفة، ما يؤدي إلى تشوهات في الذاكرة.

وقال مؤلف الدراسة مانوج ك. دوس، باحث في كلية الطب بجامعة تكساس: “قد تكون إحدى الأفكار هي أن المواد المخدرة تعزز السلاسة (أي سهولة معالجة المعلومات)، ما يفسر سبب إعجاب الأشخاص الذين يتناولون المواد المخدرة ببعضهم رغم قلة المحادثة”.

وأضاف دوس: “عند قيام المخدرات بتعزيز سهولة معالجة المعلومات، تنتج ذكريات كاذبة وتزيد الإعجاب بالمحفزات وتزيد مصداقيتها، لذا يعتقدون أن الأفكار التي يستحضرونها أثناء تجربة المخدرات صحيحة، وكأنّها تعمل على تعزيز الطلاقة”.

وفي المقابل، أشارت دراسة سابقة نُشرت نتائجها في المجلة الأوروبية لعلم الأدوية السريرية، إلى أنّ الكودايين مادة مخدرة موجودة كدواء مسكن للألم على الذاكرة، وخاصة عندما يحدث التعلم والتذكر تحت تأثير الدواء.

وأظهر الأشخاص، خلال التجارب، تحسناً في الأداء في مهام الذاكرة بعد تناول الكودايين، مع اختلاف التأثيرات حسب الجرعة والتوقيت.

وفي سياق غير منفصل، أكد محمد (40 عاماً) وهو طبيب أورام لـ”بزنس برس”، أنه كان هنالك من يغافله خلال عمله في المستشفى ويستعمل ختمه ليختم وصفات طبية، ثم يكتب الكودايين عليها، ليصرفها من الصيدليات.

وهذه الأدوية موجودة في الصيدليات، ويجمعها المدمنون خاصةً في البلدان التي تُعطي الدواء بدون وصفة طبية، لذا يحذر أطباء الاختصاص من استخدام هذه الأدوية سواء لأجل التذكر أو النسيان، لأنها ستودي بصاحبها إلى مشاكل صحية خطيرة.

كما لا يجوز تجديد الوصفة بدون استشارة الطبيب المختص، أو إعادة تناول الدواء بشكل ذاتي في حال ظهور الأعراض نفسها، كما يدعو الأطباء الهيئات الصحية لتعزيز الرقابة على عمل الصيدليات والتأكد من عدم صرفها بدون وصفة طبية موثوقة.

شارك المقال: