“سبيرولينا”.. الذهب الأخضر والكنز البيئي
هل سبق لك أن تناولت عصيراً باللونين الأخضر والأزرق؟ إذاً، أنت مطلع على آخر المستجدات عندما يتعلق الأمر بالأطعمة الفائقة في المستقبل وهي “الطحالب الدقيقة”.
الطحالب كائنات رائعة، نصادفها طوال الوقت في حياتنا اليومية دون أن نلاحظ ذلك.
وتشير التقديرات إلى أن كل جزيء أكسجين نحتاجه للتنفس يأتي من عملية التمثيل الضوئي للطحالب الدقيقة، بل إنها تستهلك أيضاً كميات كبيرة من ثاني أكسيد الكربون المدمر للمناخ.
وباعتبارها واحدة من أقدم أشكال الحياة على كوكبنا، يقال إنها خلقت أساس الحياة؛ فقد أغنت الغلاف الجوي للأرض بالأكسجين. وفي البداية كانت الطحالب، وبدونها لم تكن هناك حياة.
“سبيرولينا” هي بكتيريا صالحة للأكل وتمت إعادة اكتشافها في الستينيات وأصبحت منذ ذلك الحين منتجاً يتم إنتاجه بكميات كبيرة..
واليوم، نالت طحالب السبيرولينا إشادة كبيرة، فلم تُسمَّ فقط بأنها غذاء المستقبل ومنقذ المناخ، بل حققت أيضاً مكانة الغذاء الفائق، فهي منخفضة السعرات الحرارية، وغنية بالبروتينات وفيتامين أ والحديد والمعادن..
وتحتوي أيضاً على مضادات الأكسدة والعوامل المضادة للالتهابات، ويوصى باستخدامها لعلاج العديد من أوجه القصور، مثل فقر الدم، وللرياضيين والرياضيات للتعافي بعد التمرين، وتتم تسويقه كمكمل غذائي بأشكال مختلفة؛ كرقائق، أو مسحوق، أو أقراص أو كبسولات.
وعندما يتعلق الأمر بالصناعات ذات الألوان الزرقاء أو الخضراء، فإن أكثر من نصف المنتجات تحتوي على مستخلصات السبيرولينا، كمستحلبات أو مكثفات أو عوامل تبلور أو عوامل طلاء، وكذلك الأطعمة المصنعة كالصلصات والمايونيز والحلويات، حيث تحل الطحالب الدقيقة محل الأصباغ الاصطناعية.
كما تعد سبيرولينا مصدراً جديداً واعداً للأعلاف المركزة للماشية، لدعم احتياجات الإنتاج الحيواني في المستقبل والعمل على تحسن الإنتاجية والصحة وجودة المنتج لتجنب أوجه قصور الإنتاج، والعمل على تعزيز حيوية الحيوانات وتقوية دفاعاتها المناعية ومحاربة بعض الأمراض ضد الشيخوخة المبكرة للخلايا، وتغذية أسماك الزينة والطيور في الأقفاص وغيرها.
ويتم استخدام سبيرولينا في التجميل في شكل كريم؛ فمستخلصات السبيرولينا تعمل على تحسين مرونة الجلد بفضل تأثيره المحفز والمجدد للكولاجين والإيلاستين، وبالتالي يحد من ظهور التجاعيد، ويبطئ شيخوخة الجلد بفضل خصائصه المضادة للأكسدة.
وحالياً، تتم دراسة الاعتماد على الطحالب كغذاء أثناء رحلات البحث والتطوير للعيش في الفضاء حول العالم، فنقل جميع المواد الغذائية من الأرض أمراً غير واقعي.
ولذلك، تعد الطحالب نظاماً لإنتاج الغذاء يمكنه التعامل مع البيئة الفريدة للفضاء ويمكن تحقيقه بأقل قدر من الموارد.
ولا تزال تقنيات إنتاج الطحالب الدقيقة جديدة نسبياً وبالتالي باهظة الثمن، ولكن عندما يتعلق الأمر بتحقيق أهداف التنمية المستدامة المتعلقة بالأمن الغذائي، واستدامة الإنتاج والاستهلاك، والتخفيف من آثار تغير المناخ، وحماية البيئة، فقد يفتح ذلك آفاقاً للعديد من الدول للاستفادة من تلك التقنية مهما بلغت تكلفتها.