“الشجرة السائلة LIQUID 3”.. وكوكبنا “النقي”
تُعد زراعة الأشجار في الغابات ممارسة إستراتيجية شائعة لدى الشركات والحكومات لخفض ثاني أكسيد الكربون في الهواء.. ولكن، ما الذي يمكن فعله في المدن الكثيفة، مع عدم وجود مساحة كافية لزراعة شجيرة؟
ووفقاً لأداة تبادل البيانات الصحية العالمية التابعة لمعهد القياسات الصحية والتقييم الأمريكي، فإن “التلوث يقتل سنوياً عدداً من الأشخاص يزيد بثلاثة أضعاف عن عدد الأشخاص الذين يقتلهم فيروس نقص المناعة البشرية الإيدز والسل والملاريا مجتمعة”.
وفي خطوة رائدة لمكافحة تلوث الهواء بالمناطق الحضرية، تقدم صربيا، مثلاً، “LIQUID 3″؛ أول مفاعل حيوي ضوئي حضري على شكل مقعد عام، يُطلق عليه “الشجرة السائلة”.
يتميز هذا الابتكار بـ 158 جالوناً من الماء المملوء بالطحالب الدقيقة القوية، ويُعرف بقدرته المذهلة على التقاط ما يصل إلى 50 ضعفاً من ثاني أكسيد الكربون مقارنةً بالأشجار التقليدية، مع إطلاق الأكسجين النقي في البيئة المحيطة بالوقت نفسه.
تحل الطحالب الدقيقة محل شجرتين عمرهما 10 سنوات أو 200 متر مربع من العشب، وتقوم الأشجار والعشب بالتمثيل الضوئي وتربط ثاني أكسيد الكربون.
ومع ذلك، فإن ميزة الطحالب الدقيقة هي أنها أكثر كفاءة من الأشجار بما يتراوح بين 10 إلى 50 مرة.
تم تصميم المفاعل ليكون متعدد الوظائف، فهو مجهز بمنفذ USB لإعادة شحن الهاتف الذكي، وسقف شمسي، وإضاءة ليلية، كما أنه جهاز لتنقية الطحالب الدقيقة.
ويقول فريق LIQUID 3إن هدفهم ليس استبدال الغابات أو خطط زراعة الأشجار ولكن استخدام هذا النظام لملء تلك الجيوب الحضرية، حيث لا توجد مساحة لزراعة الأشجار وبالتالي المساهمة في إنشاء مساحات حضرية أكثر خضرة ونظافة، في ظروف التلوث الشديد، إذ لا يمكن للعديد من الأشجار البقاء على قيد الحياة، في حين أن الطحالب لا تواجه مشكلة مع مستويات التلوث العالية.
الشجرة السائلة تمثل حلاً مبتكراً وواعداً لمكافحة تلوث الهواء في المناطق الحضرية، إلا أنها ليست الحل النهائي؛ فتلوث الهواء مشكلة معقدة تتطلب نهجاً متعدد الأوجه لمعالجتها، وقد تكون الشجرة السائلة بمثابة أداة تكميلية للطرق التقليدية للحد من التلوث.
وسبق أن قالت الدكتورة مانجوشا دايك، أستاذ مساعد في معهد الدكتور دي واي باتيل للتكنولوجيا الحيوية والمعلوماتية الحيوية بالهند، إن “الفائدة الحقيقية لهذا المفاعل الحيوي الصغير أنه يمكنه التقاط كميات مفيدة من ثاني أكسيد الكربون منذ اليوم الأول”.
ومن المتوقع، وفقاً لدايك، أن “تنتشر مثل هذه المفاعلات الحيوية على نطاق واسع في المناطق الحضرية بجميع أنحاء العالم، مع محاربة الكوكب لمستويات الكربون المتزايدة في الغلاف الجوي، كونها ليست أداة مهمة في مكافحة تغير المناخ فحسب، بل تحول المناطق الحضرية إلى مناظر طبيعية مستوحاة من الخيال العلمي في المستقبل أيضاً”.