قصة الميثانول الأخضر وسفينة “لورا ميرسك”
تتجه الحكومات إلى تقليل الانبعاثات الكربونية وتركيز جهودها على الاستدامة، ولاسيما في قطاع الشحن، الذي يُعد العمود الفقري للتجارة الدولية.. ولعل أبرز مثال في “الاقتصاد الأخضر” هو سفينة الميثانول الأخضر “لورا ميرسك”.
ووفقاً للمعهد العالي الفرنسي للاقتصاد البحري (ISEMAR)، فإن النقل البحري مسؤول عن 2.89% من انبعاثات الغازات الدفيئة، وقد يمثل نحو 10% من انبعاثات الغازات الدفيئة العالمية بحلول عام 2050.
لذا، ما التدابير التي يمكن أن تقلل من مساهمة ذلك القطاع في التغير المناخي؟
في عام 2023، تم إطلاق أول سفينة حاويات تعمل بالكامل بالميثانول الأخضر “لورا ميرسك”، حيث سُميت على اسم الشركة الدنماركية المالكة، بتصنيع شركة هيونداي في كوريا الجنوبية.
واستطاعت إتمام أولى رحلاتها من كوريا الجنوبية في آسيا، مروراً بأفريقيا، وصولًا إلى آخر محطاتها في الدنمارك بأوروبا.
وشمل خط سير رحلة السفينة عدداً من الموانئ الآسيوية والأوروبية؛ هي موانئ كولومبو في سريلانكا، وفيليكسستو ولندن في بريطانيا، وهامبورغ في ألمانيا، وأنتويرب في بلجيكا، وميناء لوهافر في فرنسا، ثم العودة إلى آسيا.
وتستغرق السفينة، التي تتراوح سعتها 16 ألف و592 حاوية مكافئة، بطول 350 متراً وعرض 53.5 متراً، 98 يوماً لإكمال رحلة ذهاباً وإياباً.
وتفرض شركة ميرسك في بعض الأحيان أسعاراً أعلى على عملائها الرئيسيين، من أجل تعويض التكاليف الإضافية اللازمة للميثانول الحيوي؛ وقد دفع أكثر من 200 عميل – بما في ذلك أمازون، وإنديتكس، ونستله.
وتحتاج سفينة الحاويات العاملة بالميثانول لاستعمال وقود أكبر بمقدار مرتين أو مرتين ونصف عن الوقود التقليدي.
ولدى ميرسك هدف طموح لعام 2040 يتمثل في صافي انبعاثات الغازات الدفيئة إلى الصفر عن طريق الاعتماد على الميثانول الحيوي الصديق للبيئة.
ينقسم الميثانول الأخضر إلى تصنيفين: الميثانول الحيوي والميثانول الإلكتروني، والذي يتم تصنيعه من مصادر منخفضة الكربون، مثل الهيدروجين أو الكتلة الحيوية، وتنبعث منه غازات دفيئة أقل بحوالي الثلثين من الوقود الأحفوري.
ويجري حالياً إنشاء مصنع لإنتاج الميثانول الإلكتروني، بالقرب من أبينرا في الدنمارك، على الحدود الألمانية مباشرة.
ويحتل الميثانول الأخضر مكانة في قائمة حلول الطاقة النظيفة، لكنه ليس بديلاً مثالياً.
ورغم فوائده البيئية، إلا أن المنتدى الاقتصادي العالمي يشير إلى أنه يعاني من مشكلة التكلفة، حيث لا تزال أسعار الإنتاج أعلى من أسعار الميثانول المنتج من الوقود الأحفوري، فضلاً عن مخاوف تتعلق بالسلامة، فالميثانول سام وقابل للاشتعال، ومن المحتمل أن يكون متفجراً، ما يعني أنه يجب تخزينه والتعامل معه بعناية.
ومن المتوقع أن يتسارع إنتاج الميثانول الأخضر والحيوي عالمياً لتلبية الطلب المتزايد من قطاع الحاويات، ومع ذلك، لم يصل سوى عدد قليل من مشاريع الميثانول الأخضر إلى قرار الاستثمار النهائي.