“بزنس الجمال”.. كوثر صالح وردة شامية (صور)
“آمل أن يغمر الورد كل المنازل، وأن تغطي رائحته بشاعة الكون”..
بابتسامة طيبة، وكلمات بسيطة، تعبّر كوثر صالح عن أمنيتها التي تجول في عقلها باستمرار.
كوثر، أربعينية ريفية سورية، مفعمة بالعمل، شغوفة بالجمال والطبيعة، خريجة كلية الفنون الجميلة، التي نقلت سبل الفن النظرية وطبقتها في تجارب عملية تنتج الجمال في كل عمل.
منذ خمس سنوات وفي منطقة مصياف بمحافظة حماه، بدأت كوثر بـ”مهنة الجمال” كما تسميها، فـ”لا أجمل من أن يعمل المرء في الورد ومع الورود، سواء في الماء أو الصابون أو غيرها من مستحضرات طبيعية تعتمد على الوردة الشامية بالدرجة الأولى”.
الياسمين واللافندر والورد الجوري وإكليل الجبل، كلها نباتات تمر من تحت يدي كوثر، بدءاً من رحلة القطاف أو التنقية وصولاً لمرحلة التقطير واستخلاص الزيوت من بعضها والماء المقطر من بعضها الآخر.
تتابع كوثر عملها كنحلة نشيطة وهي تقطف رؤوس الورد الشامي، تنحني للزهرة كما لو أنها تنحني لطفل صغير يطلب حاجة.
لا تتعامل مع أزهارها كنباتات، بل تشعر بأمومتها تجاه كل كائن ضمّه منزلها، من طير أو نبات أو حيوان، ولذلك تحس بتأنيب ضميرها إذا تأخرت عن المنزل، أو تأخرت وجبة الغداء عن الكلب والقطة اللذين تربيهما.
تتحدث كوثر لموقع “بزنس برس” عن عملها في صنع ماء الورد من الوردة الشامية، وتشرح كيف يتطلب هذا العمل تنظيماً ودقة كغيره من الأعمال..
يبدأ القطاف في الخامسة صباحاً بهدف احتفاظ الوردة بالزيوت الطيارة، ولكي يسبق العاملون النحلات قبل أن تجني حصتها من رحيق هذه الوردة.
ويقف نوفل إلى جانب أخته في مشروعها الصغير، ليس في الأعمال التي تتطلب جهداً ذكورياً، بل في كل الأعمال التي تنجزها، ويشعرها أنها ليست لوحدها، وأن لها ظهراً تسند عليها إن أثقلت عليها الأيام.
وبمساعدة أخيها، تنقل كوثر الزهرات وتضعها في جهاز التقطير، لتتحول الأوراق وردية اللون إلى قطرات ماء تعبق برائحة الوردة الشامية.
ومع نهاية الصيف، تكون كوثر انتقلت لعمل آخر، وهو صنع مؤونة الشتاء المحبّبة، من تين “هبول” وزبيب ودبس العنب ودبس الرمان.
ترى كوثر أن على المرء ألا يتوقف عن العمل، لكي يجد معنى للحياة التي يحياها.
وبسلامها المميز، لا تشعر أن الحياة صعبة إلا بقدر ما نرسمه في مخيلتنا، بل هي بنظرها جميلة، جديرة بأن نعمل بها على أفضل وجه.
ورغم الصعوبات التي تعترض أصحاب العمل ومن بينهم كوثر، كارتفاع أسعار المواد الأولية وصعوبة التسويق في أحيان كثيرة، واختلاف ثقافة التسويق في سوريا عن غيرها من البلدان، إلا أن الرغبة في العمل والسعي نحو النجاح من شأنه أن ينسي كوثر كل تلك الصعوبات وأن يذلل أصعب العوائق التي قد تعترضها.
تتمنى كوثر وتعمل لتوسيع مشروعها، وتسعى لزيادة نبتة أخرى لصنف النباتات العطرية بهدف استخلاص الزيوت، وهي في طور دراسة الفوائد الطبية التي تحتويها عدة نباتات لاختيار واحدة منها لتكون خط العمل الجديد.
وعلى الرغم من شغفها بالرسم وإتقانها له، إلا أن روحها تميل للموسيقا، كما تميل أزهار عباد الشمس باتجاه أشعة الشمس الساطعة.
وتؤكد أنها عازمة على تعلّم الموسيقى، وغمر روحها بفيض سحر الأنغام مهما تقدّم بها العمر.
وعند سؤالها عن أمنيتها وحلمها، اكتفت بكلمة واحدة: “ابنتي”.
وكأن عينيها في سباق مع العمر، تطيران إلى حيث ترى ابنتها امرأة عاملة متميزة، فنانة تصل لوحاتها إلى كل العالم، محبوبة، طيبة، تمنح الحب لمن حولها، وتحيي اسم والديها بأعمالها الخيّرة.