بياناتك الشخصية.. كيف تُباع وتُشترى؟

هل تساءلت يوماً عن سبب تقديم شركات مثل غوغل وفيسبوك خدماتها بدون مقابل؟

السر يكمن في القيمة العالية للبيانات الشخصية للمستخدمين، التي تُعد من أهم الموارد في الاقتصاد الرقمي.

تجمع هذه الشركات البيانات وتحللها ليس لتحسين خدماتها فقط، بل لتعزيز موقعها التنافسي وزيادة أرباحها أيضاً.

إن إدارة البيانات بكفاءة تحولها إلى فوائد اقتصادية ملموسة، ما يوضح كيفية استخدام هذه البيانات كسلعة ثمينة لدعم أهداف الشركات الاقتصادية.

إذا لم تدفع مقابل المنتج، فأنت المنتج

في الاقتصاد الرقمي، تستخدم الشركات الكبرى الخدمات المجانية كاستراتيجية لجمع بيانات المستخدمين.

وهذه الخدمات، مثل محركات البحث والشبكات الاجتماعية، تجذب الجمهور وتجمع بيانات ثمينة تُستغل لتحسين الخدمات وتعزيز الإعلانات المستهدفة. 

شركات مثل فيسبوك وغوغل تستفيد من هذه البيانات لتوجيه إعلانات مستهدفة بدقة عالية بناءً على سلوك واهتمامات المستخدمين، ما ينتج عنه معدلات تحويل أعلى بكثير مقارنة بالإعلانات التقليدية، وبالتالي تحقيق أرباح أكبر وقيمة مضافة للمعلنين.

المقولة: “إذا لم تدفع مقابل المنتج، فأنت المنتج” تلخص كيف تستفيد الشركات من البيانات في دورة مستمرة من الاستهلاك وجمع البيانات.

كما توسع بعض الشركات نطاق استغلالها للبيانات ببيعها مباشرةً لأطراف ثالثة، وتشمل هذه البيانات المعلومات الديموغرافية، واهتمامات المستهلكين، وسلوكيات الشراء، والتصفح.

وتستفيد الشركات المشترية من هذه المعلومات في تطوير منتجات تنافسية وتعزيز استراتيجيات التسويق الخاصة بها، ما يساهم بشكل كبير في تحقيق قيمة إضافية لأعمالها.

إساءة استخدام البيانات

جمع وبيع بيانات المستخدمين يثير قضايا معقدة تتعلق بالخصوصية والأخلاقيات، والتي لها تأثيرات واسعة على المجتمع.

فضيحة كامبريدج أناليتيكا تُعد من أبرز الأمثلة على إساءة استخدام بيانات المستخدمين وتأثيراتها الخطيرة على الخصوصية والأخلاقيات. 

في عام 2018، تبين أن الشركة جمعت بيانات شخصية من أكثر من 87 مليون مستخدم فيسبوك من خلال تطبيق ثالث دون موافقة صريحة من المستخدمين، واستخدمتها في تطوير نماذج تنبؤية للتأثير على الرأي العام والسلوك الانتخابي في انتخابات الرئاسة الأمريكية لعام 2016 وغيرها من الحملات السياسية

استخدمت كامبريدج أناليتيكا  التقنيات السايكوغرافية، التي تعتمد على التحليل النفسي والسلوكي الدقيق، لتوجيه الإعلانات والمحتويات السياسية بطريقة تُعزز الانقسامات الاجتماعية، مستغلةً البيانات لتحقيق أهداف سياسية لعملائها.

الخصوصية حق من حقوق الإنسان

تؤكد هيئة حماية البيانات الأوروبية، التي تعمل تحت مظلة الاتحاد الأوروبي، أن “الخصوصية هي حق من حقوق الإنسان”. وهنا ، تبرز الحاجة الماسة لترسيخ مفهوم الخصوصية كحق أساسي، حيث ينادي الخبراء والناشطون بضرورة منح المستخدمين المزيد من السيطرة على خصوصيتهم وبياناتهم الشخصية في عصر الرقمنة المتسارع.

شارك المقال: