لنعيد التفكير في “الإرهاق الوظيفي” وخطورته

يعاني أحمد (33 عاماً) من انعدام القدرة على إنجاز الأعمال المتراكمة في عمله، وفقدان الشغف، ويذهب إلى وظيفته كارهاً، بعد أن كان يعمل في أيام العطل ويأخذ بعض المهام لإنهائها في المنزل.. فماذا يفعل؟ 

يُعد الإرهاق مشكلة مهنية موثقة، آخذة في الارتفاع عالمياً، حيث تكلف المؤسسات ما يصل إلى 190 مليار دولار سنوياً، بسبب التغيب عن العمل وفقدان الإنتاجية والاستقالات.

ووفقاً لمؤشر LinkedIn Workforce Confidence Index، يريد 46% من العمال ترك وظائفهم في عام 2024، 51% منهم أشاروا إلى الإرهاق كسبب لرغبتهم في المغادرة.

ليس الموظفون فقط، فقد استقال عدد قياسي من الرؤساء التنفيذيين الأمريكيين عام 2023. وخلال الربع الأول من 2024، ارتفع معدل دوران الرؤساء التنفيذيين، وكان الإرهاق من أهم الأسباب. 

ويبين استطلاع لـ MyPerfectResume جديد، وشمل 1200 عامل مقيم في الولايات المتحدة، أن الإرهاق يسبب سلوكيات تخريبية في مكان العمل، حيث أبلغ 87% عن حدوث نوبة غضب في العمل خلال الأشهر الستة الماضية. 

وأثّر ذلك على الحياة الشخصية لدى 77% من المستطلَعين، فيما يُعد القلق المتزايد (32%)، والصداع المتكرر (30%)، وآلام العضلات المزمنة (25%) من أكثر المشكلات الصحية شيوعاً التي تعزى إلى الإرهاق.

وتعتقد سيبيل جيلدارت، أستاذة علم النفس في جامعة ويلفريد لورييه الكندية، في مقالها، أن السعي للكمال هو أحد الآثار الجانبية للتمتع بحياة سعيدة تماماً على منصات التواصل الاجتماعي، ما يزيد الإرهاق. لذا، فالتقليل من استخدام الهاتف، خطوة مهمة في طريق تخفيف شعور الإرهاق. 

ويشير الكاتب ومقدم البرامج نير باشان، في مقاله، أن جزءاً كبيراً من الإرهاق ناجم عن أشياء لا يمكن السيطرة عليها، ويدعو إلى عدم أخذ الوظيفة على محمل الجد “إنها مجرد وظيفة، وتوجد أشياء أخرى تحدث في حياتك قد تحتاج إلى القدر نفسه من الاهتمام الذي تهدره في وظيفتك في هذه اللحظة بالذات”. 

وينصح، مثلاً، بعدم التسرع في الرد على رسائل البريد الإلكتروني “خذ استراحة لمدة 15 دقيقة قبل الرد، في كل مرة تشعر فيها بالتوتر أو الإرهاق”. 

وعندما نشعر بالإرهاق لنسأل أنفسنا: “هل سيكون هذا الأمر مهماً بعد عام أو شهر أو بضعة أيام؟ ستكون الإجابة التي ستكشف عنها أمراً مريحاً، لأنه في أغلب الأحيان لا يكون عامل الضغط مشكلة طويلة الأمد ولكنه مجرد إزعاج عابر”. 

كما ينصح الخبراء بالاحتفاظ بسجل الإنجازات الفردية كأداة قوية أثناء مراجعات الأداء أو مفاوضات الراتب، وبناء التحالفات مع الزملاء ذوي التفكير المماثل لتعزيز جهود الوصول لبيئة عمل مريحة وعادلة.

ويحذر الأطباء النفسيون من العمل في العطل، ويشجعون على الخروج إلى الطبيعة وحضور الحفلات والمناسبات الاجتماعية، مع التقليل من التطرق لمشاكل العمل في المنزل، لأنها قد تنقل الإرهاق إلى العائلة؛ فقد تُحلّ صعوبات العمل في اليوم التالي، بينما تنمو بذرة القلق والإرهاق التي زرعناها في منازلنا. 

شارك المقال: