“خطير”.. هكذا يرتب الكوكائين أولويات الدماغ

اضطرّ جمال (29 عاماً) للهجرة غير الشرعية، بعد وفاة عائلته وخسارة بيته وممتلكاته في الحرب، والتنقّل بين الكثير من الأعمال والمدن والبلدان بظروف سيئة، أدّت به الحال لتعاطي الكوكائين.

أصبح جمال نحيلاً بسبب عدم وجود شهية للطعام، ولا يمكنه مراجعة الطبيب خوفاً من السجن، حيث نصحه أحد الأصدقاء بزيارة أقرب مركز لعلاج الإدمان لتسقط عنه العواقب القانونية. 

يُعتقد أن الاستخدام المستمر للعقاقير، مثل الكوكائين والمورفين يؤثر على تحديد أولويات الدماغ بما يخص احتياجات الجسم الأساسية. 

ومع وجود حوالي 22 مليون متعاطٍ للكوكائين في العالم، مع أكبر عدد موجود في الأمريكيتين، تصبح تأثيرات التعاطي قضيةً ملحةً للدراسة. 

وفي هذا السياق، اكتشف باحثون في مشفى The Mount Sinai بالتعاون مع علماء في جامعة روكفلر، آلية دماغية تسمح للكوكائين والمورفين بالسيطرة على أنظمة المكافأة الطبيعية، ونُشرت نتائج دراستهم في مجلة Science في 18 أبريل الماضي. 

وعندما يستخدم الأشخاص المخدرات بشكل متكرر، تحدث تغيرات طويلة المدى في سلوكهم تقودهم إلى اختيار تعاطي المخدرات بدلاً من إشباع الحاجات الأساسية للبقاء على قيد الحياة مثل الأكل والشرب.

وقارنت الدراسة استجابة نظام المكافأة في الجسم لتعاطي المخدرات مع استجابته لتلبية الاحتياجات الفطرية، والنتيجة كانت أنّ هذه العقاقير المخدرة تفعّل الخلايا العصبية ذاتها، التي تنشط عند تلبية الاحتياجات الأساسية. 

ويقول جيريمي داي، باحث في جامعة ألاباما في برمنجهام ”المثير للاهتمام في هذه الدراسة، إن الاستجابات العصبية للطعام أو الماء تكاد تحل محلها الاستجابات للمخدرات“، ويمتد هذا التأثير لما بعد فترة الانسحاب. 

ولا تقتصر تأثيرات الكوكائين على الدماغ، حيث أفاد أطباء مستشفى جامعة لييج في بلجيكا، أن الكثير من المتعاطين يراجعون عيادة الأنف والأذن والحنجرة بسبب تلف أنسجة الأنف، حيث تؤدي المادة المخدرة لتضييق الأوعية المغذية للأنف ما يسبب تنخره. 

ويكون الحل عادةً بترميم الأنف بطعم من الأضلاع، وهو إجراء صعب عند المدمنين حيث يجب إيقاف الكوكائين قبل أشهر من العملية، وهو تحد كبير لدى المتعاطين. 

وعليه، ينصح الأطباء بضرورة تأمين رعاية تُغطي احتياجات الأطفال ومتابعتهم في فترة المراهقة وتنمية مواهبهم وتشجيعهم على ممارستها وتأمين الجو المناسب لذلك، لوقايتهم من الانجراف لمثل هذه الممارسات. 

ولابد من التوعية المستمرة في المدارس والجامعات ووسائل الإعلام، وسن تشريعات تعفي المدمن من العقوبة في حال مراجعته لمراكز علاج التعاطي والإدمان.

شارك المقال: