“صراع المأوى”.. الأزمة الاقتصادية تضرب السكن في اليمن
يشهد اليمن صراعاً محموماً في قطاع الإسكان، نتيجة للأزمة الاقتصادية التي تعصف بالبلاد وتدهور قيمة الريال اليمني أمام العملات الصعبة.
ويتزايد الضغط على اليمنيين الذين يجدون أنفسهم بين مطرقة ارتفاع أسعار الإيجارات بالعملات الصعبة وسندان التشرد.
وأدت الحرب الدائرة في اليمن منذ 9 سنوات إلى تدهور الاقتصاد الوطني وإلحاق أضرار جسيمة بالبنية التحتية والخدمات العامة.
وفي ظل ضعف العملة المحلية وانهيار الدخل القومي، ارتفعت تكاليف الحياة وأصبح الإسكان أمراً لا يمكن تحمله بالنسبة للعديد من الأسر خاصة لذوي الدخل المحدود، وحتى المتوسط، في ظل ثبات المرتبات دون أي زيادة تُذكر منذ عقود لا تواكب ارتفاع الصرف اليومي.
الصراع الإسكاني
تشهد المدن اليمنية الكبرى، مثل صنعاء وعدن وتعز وحضرموت، زيادة ملحوظة في أسعار الإيجارات، حيث تتجاوز بعضها قدرة الكثيرين على تحملها، خاصة بعد أن أصبح الدفع بالعملة الصعبة وليس بالعملة المحلية.
وفي هذا السياق، يقول المواطن سعيد التوي من محافظة عدن جنوبي اليمن، لـ”بزنس برس”، إن “ارتفاع أسعار الإيجارات في مدينتنا أصبح أمراً لا يُطاق. لقد شهدنا زيادة هائلة في الأسعار خلال الفترة الأخيرة، وتجاوزت بعض الإيجارات قدرة الكثيرين على تحملها. كانت العملة المحلية تساعدنا في تخفيف الأعباء المالية، ولكن الآن مع تحول الدفع إلى العملة الصعبة، أصبح الوضع أكثر صعوبة”.
ويضيف: “أدفع في الوقت الحالي مقابل إيجار منزلي الذي يتكون من غرفتين وحمام، أكثر من 300 ألف ريال يمني (نحو 180 دولاراً)-، والأمر المحزن والصعب أن سعر العملة يرتفع بشكل شبه يومي حتى وصل مؤخراً إلى 1667 دولاراً، في وقت مرتباتنا لا تزال بالريال اليمني ولا تتجاوز 80 ألف ريال يمني (نحو 47 دولاراً).
ومن جانبه، يقول أديب جعفر لـ”بزنس برس”: “نضطر للعمل في أكثر من مهنة كالعمل في المحلات لسد العجز المعيشي ودفع مبلغ إيجار البيت، حيث أدفع مقابل غرفة واحدة مبلغ 100 ألف ريال يمني (نحو 60 دولارا)، بينما مرتبي الحكومي لا يزيد عن 60 ألف ريال يمني (نحو 35 دولاراً)”.
أما المواطنة سعيدة عياش، فتوضح لـ”بزنس برس”: “بات من الصعب على العائلات المتوسطة والفقيرة العثور على مسكن مناسب بأسعار معقولة، حيث يضطر البعض إلى الاستغناء عن سكنهم الحالي والتنقل من منزل إلى آخر بحثاً عن إيجارات أقل”.
وتضيف: “هذا ما يؤثر بشكل كبير على استقرار الأسر وراحتها، بالنسبة لنا تنقلنا لأكثر من 7 منازل حتى اللحظة، بسبب عدم قدرتنا على مواكبة ارتفاع الإيجار الذي يحدده بشكل مفاجىء المُلاك عقب مرور فترة من الزمن وبالعملة الصعبة”.
ظروف خانقة
وفي لقاء مع أحد مُلاك المنازل من محافظة صنعاء، تقول أم وفيق لـ”بزنس برس”: “لا نملك أي دخل يساعدنا على الظروف المعيشية الصعبة في ظل انقطاع المرتبات منذ 9 سنوات شمالاً إلا ما نحصده من إيجار منزلنا المكون من دورين – دور تسكنه عائلتنا ودور للايجار- لهذا لا يمكن لنا أن نخفض مبلغ التأجير، لأنها الطريقة الوحيدة التي تعيش عليها الأسرة المكونة من نساء فقط ولا عائل لنا”.
خنقت الظروف المعيشية المواطنين في اليمن، سواء من مُلاك المنازل أو المستأجرين، رغم وجود جشع العديد من أصحاب المنازل ذوي الدخل المرتفع وأصحاب العقارات الكبيرة الذين لا يأبهون لحال الناس أو ظروفهم الصعبة، وسط ضياع القانون لعدم وجود قوانين خاصة تضبط عمليات تأجير المنازل الخاصة، وفقاً للناس.