“نتفليكس” واستراتيجية “المحيط الأزرق”
يقدم موقع “بزنس برس” سلسلة تقارير اقتصادية سعياً لتبسيط مفاهيم كبيرة بلغة إعلامية بسيطة، عبر أمثلة حية من مختلف الحقول.
وفي هذا التقرير، نسلط الضوء على كيفية استفادة “نتفليكس” من استراتيجية “المحيط الأزرق” لتعزيز مكانتها في السوق العالمية وفتح آفاق جديدة للنمو والابتكار.
تُعد نتفليكس مثالاً بارزاً للشركات التي نجحت في تطبيق هذه الاستراتيجية، والتي ترتكز على إيجاد أو خلق أسواق جديدة تماماً “المحيطات الزرقاء” بعيداً عن المنافسة الشرسة في الأسواق الموجودة “المحيطات الحمراء”.
الأسواق الزرقاء والحمراء تمثلان مفاهيم متضادة في عالم الأعمال، حيث تعبر الأسواق الحمراء عن ساحة المنافسة التقليدية المكتظة بالشركات المتنافسة للفوز بحصة من السوق المتاحة.
والأسواق هنا “حمراء” بالفعل، مشبعة بالمنافسين الذين يتقاتلون على نفس العملاء، ما يؤدي إلى تآكل الهوامش وتقلص فرص النمو.
وفي المقابل، تستند “الأسواق الزرقاء” إلى فكرة مبتكرة تقوم على تطوير أو اكتشاف أسواق جديدة بالكامل، حيث تكون المنافسة غائبة أو ضعيفة، هذه الاستراتيجية تركز على توسيع الحدود السوقية للشركة من خلال الابتكار في القيمة، ما يؤدي إلى خلق فئات جديدة من العملاء وتضمن نمواً مستداماً بعيداً عن التنافس الشرس.
وفي هذه البيئة، تتمتع الشركات بحرية صياغة قواعد اللعب، مما يفسح المجال للابتكار والنمو دون الضغط المستمر للمنافسة.
نتفليكس مثالاً
نتفليكس تمثل نموذجاً بارزاً لنجاح استراتيجية المحيط الأزرق. ففي بداياتها، غيّرت نتفليكس قواعد لعبة تأجير الأفلام والمسلسلات بانتقالها من الخدمة البريدية إلى البث الرقمي عبر الإنترنت، مقدمةً بذلك خدمة فريدة من نوعها في السوق.
وهذا الابتكار فتح أمام نتفليكس “محيطها الأزرق”، حيث أتاحت للعملاء الوصول اللامحدود إلى مكتبتها الواسعة من المحتوى مقابل رسوم اشتراك ثابتة، مبتكرةً بذلك نموذجاً تجارياً متميزاً وجديداً للسوق آنذاك.
ومع الزمن، وفي سعيها للحفاظ على ريادتها، عززت نتفليكس من تركيزها على تطوير المحتوى الأصلي. إستراتيجية أثبتت نجاحها عبر إطلاقها لسلسلة من الإنتاجات الناجحة عالمياً، ما عزز من قيمة علامتها التجارية وزاد من قاعدة مشتركيها، بينما قللت في الوقت ذاته من اعتمادها على المحتوى الخارجي، الأمر الذي كان سيكلفها الكثير ويعرضها للمخاطر نظراً للتنافس الشديد على حقوق البث.
كما توجهت نتفليكس نحو العالمية، و نجحت في دخول أسواق جديدة حول العالم، متجاوزة الحدود الجغرافية والمنافسة المحتدمة في الأسواق المحلية المشبعة.
وهذا التوسع لم يفتح آفاقاً جديدة للنمو فحسب، بل كان دافعاً للمنافسين لاتباع خطاها.
جدير ذكره أن الشركات الكبرى مثل ديزني بخدمة ديزني+ وأمازون بأمازون برايم فيديو، وجدت نفسها مجبرة على دخول ميدان البث الرقمي وإنتاج المحتوى الأصلي، محاولةً تقليد نجاح نتفليكس.