عملة جديدة تنذر بالتضخم في اليمن
في تطور مقلق للاقتصاد اليمني المنهار فعلياً بسبب الحرب، أعلنت “ميليشيا الحوثي” عن إصدار سك معدنية جديدة بديلة عن الورقية المتهالكة، ما أثار مخاوف اندلاع موجة جديدة من التضخم في البلاد.
ضربة للسيادة الوطنية
كشفت تصريحات صادرة عن الحوثيين اعتزامها طباعة كميات من العملة المحلية الورقية خلال الأسابيع القادمة، بعد إعلانها عن سك عملة معدنية فئة 100 ريال، ما اعتبرها البنك المركزي في عدن، التابع للحكومة اليمنية الشرعية، أنها مزورة وغير قانونية وحظر تداولها في مناطق الشرعية المحررة.
ويعد تخفيض الفئة النقدية من 100 ريال ورقية إلى عملة معدنية تقليصاً للفئة التي كانت تعد الأعلى، وهذا يشكل سابقة ومؤشراً على إلغاء الفئات الأقل منها لتصبح الفئة النقدية 100 ريال الأدنى، واختفاء الفئة النقدية الأقل منها وهي فئة 50 ريالًا.
وسيزيد ذلك من حدة التضخم، ومع ترجيحات بارتفاع أسعار السلع والمواد الأساسية، وبالتالي تعميق المعاناة الاقتصادية للشعب اليمني، مع أنه كان بإمكان ميليشيا الحوثي رفع الحظر وإلغاء انقسام العملة لاستعاضة الفئات المتهالكة لديها بتلك الموجودة لدى البنك المركزي في عدن من الطبعة الجديدة الصفراء والبنية.
وتشير التقديرات إلى أن التضخم في اليمن قد يصل إلى مستويات غير مسبوقة في ضوء هذا التطور الأخير وما قبله من انقسام للعملة اليمنية شمالاً، وجنوباً، بسبب منع الحوثيين تداول أي طبعة جديدة من العملة اليمنية الصادرة عن البنك المركزي في عدن في مناطقها.
ضريبة خانقة
ومن أبرز آثار انقسام العملة ارتفاع أسعار مختلف السلع عقب انهيار الريال اليمني الذي وصل إلى ما يساوي 1656 دولاراً، واشتعال ضريبة إرسال الحوالات ما بين المناطق المحررة والخاضعة لميليشيا الحوثي، التي تخطت 130% من قيمة الحوالة المرسلة.
وأصبحت الأسعار غير قابلة للسيطرة، وصعدت أعباء المعيشة، وتراجعت قدرة الأسر على تلبية احتياجاتها الأساسية. ومع استمرار الحرب وتفاقم الأزمة الإنسانية في البلاد، يتوقع أن يزداد التضخم بشكل كبير في الأشهر القادمة.
رد الشرعية
وفي رد أولي، وجه البنك المركزي في عدن، الثلاثاء 2 إبريل، البنوك التجارية والمصارف الإسلامية وبنوك التمويل الأصغر، بنقل مقراتها الرئيسة من مناطق الحوثيين شمالاً إلى العاصمة المؤقتة عدن، خلال فترة لا تقل عن 60 يوماً، نتيجة لممارسات الميليشيا بحق البنوك والمصارف وإصدارها عملات غير قانونية “مزورة” وإخلالها بالنظام المصرفي وانتهاك السيادة اليمنية.
مستقبل مجهول
ويقول الخبير الاقتصادي اليمني ماجد الداعري، لـ”بزنس برس”، إن “سك ميليشيا الحوثي لأول عملة غير قانونية بعد كل هذه السنوات ونقل البنك المركزي من صنعاء عقب سيطرتها عليه إلى عدن في عام 2016, هي رسالة إلى العالم أجمع بأن الجماعة ماضية في حربها الاقتصادية والسياسية والعسكرية وأنها لا تريد أي عملية سلام”.
ويضيف أنها “رسالة أيضاً وجس نبض للمجتمع الدولي ودول التحالف وحكومة الشرعية بالتزامن مع تطورات البحر الأحمر، عن ردة فعلها تجاه خطوتها الخطيرة، لأنها تحاول تنافس الدولة بطباعة عملات وإغراق السوق المحلية”.
ويرى المحلل الاقتصادي وفيق السيد أن “سك الحوثي فئة مائة ريال لا يحمل مخاطر تضخم نقدي فقط بل تكريس الانقسام النقدي والمصرفي، بالإضافة إلى رغبة الحوثيين في إقامة اقتصاد مستقل وتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية”.
ويشير السيد إلى أن “ارتفاع التضخم سيؤدي لتدهور الريال أكثر مما هو عليه وتراجع القدرة الشرائية وزيادة الأسعار، ما يؤثر على المواطنين في ظل انقطاع رواتبهم في مناطق الحوثيين للعام الثامن على التوالي وانعدام فرص العمل”.
ويستطرد: “المستقبل الاقتصادي غامض ومجهول مع استمرار سياسة الانقسام الاقتصادي ونهب الموارد من قبل الحوثيين وتعطيل القطاعات الاقتصادية وفرض الضرائب بالقوة”.
فيما يحذر الخبير الاقتصادي اليمني مصطفى نصر، من أن “سعر الريال اليمني سيواجه المزيد من التدهور مقابل الدولار في المناطق التي تسيطر عليها ميليشيا الحوثي، ما يزيد من الإصدارات النقدية ويؤدي إلى تدهور العملة، ومن المتوقع أن تؤدي تحويل الفئة 100 ريال إلى عملة معدنية إلى زيادة التضخم، ما يؤثر على قيمة الفئات النقدية الفعلية”.