الدوبامين والسيروتونين.. كيف يصنعان قراراتنا؟
تشير أبحاث أن حوالي ألفَي قرار يتخذها الشخص في كل ساعة استيقاظ، معظمها بسيطة، والقليل منها قد يُغير سير حياتنا، لذلك دأب العلماء على استكشاف أسرار عملية اتخاذ القرار داخل الدماغ البشري.
وكشفوا في دراسة نشروها في مجلة Neuron سنة 2020، أن كلاً من الدوبامين والسيروتونين يعملان بتزامن دقيق لتشكيل طريقة إدراك الناس للعالم واتخاذ القرارات بناءً على تصوراتهم.
والدوبامين مثبط عصبي يؤثر على المشاعر والحركة والإحساس بالسعادة والألم. أما السيروتونين فهو ناقل عصبي يوجد في الخلايا العصبية ومسؤول عن عدة وظائف في الجسم.
وتابع علماء الأعصاب في جامعة فرجينيا مسيرة البحث، وأجروا دراسة حديثة نشروها في مجلة Nature في 24 فبراير الفائت، اعتمدت على لعبة نفسية؛ يُطلب فيها من المشاركين الرد على عروض تقسيم مبلغ 20 دولاراً، منها ما يكون عادلاً (10 مقابل 10)، ومنها لا يكون كذلك (16 مقابل 4 مثلاً).
وكان لدى المشاركين خيار إما قبول التقسيم؛ وفي هذه الحالة يحصل الطرفان على المبالغ المقترحة، أو رفضها؛ ما يعني عدم حصول أي طرف على المال، وذلك بهدف استكشاف آليات صنع القرار وتفاعلاتها.
وعليه، يقول ريد مونتاجو، عالم الأعصاب والمؤلف الرئيس للدراسة: “عندما يعلم الناس أنهم يلعبون مع الكمبيوتر، يتصرفون بحكمة مثل خبراء الاقتصاد، ويقبلون المكافآت الصغيرة بدلاً من عدم الحصول على أي شيء، ولكن عندما يلعبون مع البشر، لا يقبلون العروض الصغيرة ولو كان الثمن عدم الحصول على شيء”.
كما وجد الباحثون أن نشاط السيروتونين أكثر تركيزاً على القيمة المباشرة للعرض الحالي، حيث يقيّم كل حالة على حدة، ولم يتغير سواء كان اللعب مع إنسان أو كمبيوتر.
أما الدوبامين فكان أشبه بنظام تتبع مستمر، حيث يراقب عن كثب، ويتفاعل مع كل عرض جديد مقارنةً بالعرض السابق، ويعدل توقعاتنا وقراراتنا وفقاً للمتغيرات.
وكانت مستويات الدوبامين أعلى لفترة أطول عندما تعامل المشاركون مع مقدمي الاقتراحات من البشر مقارنةً مع الكمبيوتر.
هذا الأمر يؤكد أهمية السياق الاجتماعي في استجاباتنا الكيميائية العصبية، وأن أدمغتنا تتأثر بوضوح مع العدالة والآثار الاجتماعية لقراراتنا عندما نتعامل مع البشر بشكل شخصي.
ولذا، يوصي الأطباء النفسيون بضرورة اتخاذ قرارات موضوعية قدر الإمكان بعيدة عن المشاعر والانفعالات اللحظية في القضايا المصيرية..
وفيما يخص المسائل الصغيرة، مثل انتقاء الملابس، والمطاعم، والوجبات، فيُوصون باتخاذ قرارات سريعة، وخاصة عند مَن يعانون من كثرة التردد وفرط التفكير ”Over thinking”.