تجنبوا الأدوية النفسية دون استشارة (فيديو)
تعليق صوتي: كوثر صالح
اعتادت الشابة سوسن، ابنة الـ18 ربيعاً، اللجوء إلى صيدلية قريبتها في الحارة التي تسكنها للحصول على أدوية نفسية، كلما شعرت بضيق أو قلة نوم أو “اكتئاب”؛ بعد أن شاعت هذه الكلمة دون إدراك لمدى صحتها بين الأغلبية.
تحولت حياتها يوماً بعد يوم إلى إدمان شبه تام على تلك الأدوية.. وحين تفاقمت حالتها النفسية سوءاً، استشارت طبيباً نفسياً ليخبرها بحجم الكارثة التي تعيشها.
حجم الكارثة متمثلٌ فيما يواجهه الشباب من تحديات وتقلبات عدة في مسار حياتهم، ليجدوا أنفسهم بعد فترة قصيرة مُطالبين بتحقيق توازن بين صحتهم النفسية تلك ومتطلبات المدرسة والعمل والأسرة وغيرها، ما يعني اللجوء إلى الأدوية النفسية بطبيعة الحال.
وتنتشر الاضطرابات النفسية لدى الشباب، حيث كشف تحليل مسحي أجراه مكتب الإحصاء في الولايات المتحدة أن نصف البالغين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و24 عاماً أبلغوا عن أعراض القلق والاكتئاب في عام 2023، باعتبار أن الشباب أكثر عرضة من أي فئة عمرية أخرى للإصابة بأمراض الصحة العقلية، وفقاً لبيانات المسح.
ومع زيادة نسبة الاضطرابات النفسية، نظرت دراسة حديثة أجراها باحثون في جامعة ميريلاند الأمريكية، في وصفات المرضى الذين تبلغ أعمارهم 17 عاماً أو أقل، والمسجلين في برنامج Medicaid بين عامي 2015 و2020، ولاحظوا زيادةً بنسبة 9.5% في انتشار “الإفراط الدوائي”، الذي حددته الدراسة بتناول ثلاثة أنواع مختلفة أو أكثر من الأدوية النفسية، بما فيها مضادات الاكتئاب ومضادات الاختلاج التي تعمل على تثبيت المزاج والمهدئات وأدوية اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه ومضادات القلق.
وتُصرف أدوية نفسية قوية لمساعدة الشباب على التخلص من قلقهم بسرعة، ما قد يؤدي لإخفاء السبب الحقيقي وتفاقم المشكلة الأساسية، وهذا ما يتفق مع قصة نشرتها صحيفة “نيويورك تايمز” في 2022، عن فتاة مُراهقة تتناول عشرة أدوية مختلفة لعلاج القلق والاكتئاب دون أي تحسن، ليتبين أن السبب ورم سرطاني في الغدة الدرقية، وبالتالي تحسنت حالتها بشكل واضح بعد استئصاله، الأمر الذي يؤكد أهمية الفحص الشامل للمريض قبل وصف الأدوية النفسية.
ويؤكد خبراء الصحة العقلية أن تلك الأدوية قد تكون مفيدة جداً، وأن الأطباء لهم كامل الحرية في وصف ما يرونه مناسباً منها، بينما يشعر آخرون بالقلق حيال إعطاء مجموعة من الأدوية النفسية، التي لم يُوافق عليها لدى الشباب، لاسيما أنه لم يتضح بعد تأثير الاستخدام المتزامن لأدوية نفسية متعددة على نمو الدماغ على المدى الطويل، فقد يؤدي بعضها إلى تغيرات سلوكية تحاكي تأثيرات المخدرات غير المشروعة مثل الكوكايين والأمفيتامين، وفق دراسة أمريكية.
وختاماً، يحذر الأطباء النفسيون من تناول الأدوية النفسية بدون استشارة طبيب اختصاصي في الطب النفسي (وليس طبيب عام)، وخطورة تكرار الوصفة من تلقاء أنفسهم، وينصحون بممارسة الرياضات الهوائية، والتقليل من التوقعات المثالية، وتخصيص أوقات أسبوعية وسنوية للمرح والاستجمام والترويح عن النفس، بعيداً عن ضغط العمل.