Featured Video Play Icon

بزنس “الخائن”.. بذخ إنتاجي لدراما فقيرة (فيديو)

تعليق صوتي: إبراهيم جلال

ما سمعناه أخيراً عن الأجور العالية للممثلين المشاركين في مسلسل الخائن، وخاصةً سلافة معمار وقيس الشيخ نجيب، بحيث أن كل منهما أخذ بين 500 ألف و700 ألف دولار، يجعلنا قادرين على تبرير الالتزام الطويل في تصوير هذا العمل بتركيا، والذي أقل ما يُقال عنه أنه فقير درامياً.

فمنذ الحلقات الأولى، وبعد تخلخل صورة الأسرة المثالية للدكتورة أسيل وزوجها سيف وابنهما يزن، بسبب خيانة سيف مع تيا (مرام علي) الشابة العشرينية، ثم زواجه منها، فإن أفكار العمل كلها تدور في فلك الغيرة ومحاولات تيا بعد عودتها مع زوجها من أمريكا، الدفاع عن زواجها وحبها لسيف المشدود بقوة لحبه الأول.

وبين المد والجذر في تلك العلاقة، والأحداث المتوالية والأفكار الفنتازية التي لها علاقة بمناكفات نسائية، ومكابرات واسترضاءات فارغة، وابتكار حوادث خطف ثم تحوُّلها إلى خطف حقيقي، وتغيير في الأقوال، نصل في نهاية الحلقة السبعين إلى أن سيف ما يزال على حبه لأسيل وأنه سيطلِّق تيا بعد أن تلد مولودها الثاني بعد زينة، مع أنها في الحقيقية لم تعد حاملاً.

بمعنى أن 70 ساعة درامية تدور في الفراغ من دون مبررات مقنعة، ومهما كان التصالح مع الشخصيات ودوافعها، إلا أنه من الصعب التصالح مع الأداءات السيئة تمثيلياً، وكأن الموضوع هو التزام بسطوح الشخصية، من دون أي غوص في عمقها، إذ بقي الاشتغال على نفسية الشخصيات في الحد الأدنى، ما جعل الممثلين خارج دائرة الاهتمام في هذا العمل.

التركيز تم على الشكل بلا أي رعاية للمضمون، فإذا كانت الدراما في جوهرها هي عكس الواقع مع حذر الملل منه، إلا أن “الخائن” المأخوذ عن نسخة تركية بالاسم ذاته، فشل في الأمرين، أولاً لأنه لم يستطع أن يعكس أي واقع لا عربي ولا غيره، وثانياً لأنه مليء بالشطشطة والتفاصيل الفائضة عن الحاجة.

ويمكن القول إن هذا العمل برمّته بإخراجه ومواقع تصويره وأزياء ممثليه وماكياجهم وروح شخصياته جاء بصيغة تركية لا تمت لدرامانا بصلة، بحيث أن معالجة قضية الخيانة التي تعنينا باستخدام قوالب أجنبية لا تفيد، وتجعلها في غربة عن متابعيها، وأشبه ما تكون بعرض أزياء وفرجة على الديكورات لا أكثر من ذلك.

الأغرب هو تبرير الخيانة الذي جاء على لسان شخصية سيف بأنه ملَّ من رتابة وتنظيم طليقته أسيل التي كانت تحب أن تقوم بكل شيء على “الليبرة”، وأن تحافظ على كل شيء بمكانه، من دون تغيير ولا قيد أنملة في نظامها، أي أن مثالية زوجته هو ما دفعه للقيام بنزوته والتي تحولت فيما بعد إلى زواج مع فارق عمر كبير واهتمامات مختلفة.

وما يجعل الأحداث خارج إطار الدراما الحقيقية وأداء الممثلين بعيداً عن فن الممثل هو الاهتمام بأناقة الصورة والممثلين على حساب أناقة الدراما ذاتها، والتركيز على جماليات المَشاهِد وجمال الممثلين بلا أدنى عناية بجماليات الدراما الحقّة.

البذخ الإنتاجي الحاصل مع هذا العمل، والميزانية المبالغ فيها التي صُرِفَت عليه، كانت بمثابة هدر طاقات على فراغ درامي، وفقر مدقع في الحدوتة التي لم تستطع الدراماتورج لبنى مشلح أن تصبغه بصبغة واقعية سورية فبقي أقرب إلى الترجمة الحرفية التي بلا روح.

شارك المقال: