علم النفس الرياضي يحسن أداء اللاعبين
يتوقع الكثيرون أن اللاعبين المحترفين يعيشون حياة فارهة ومثالية، لكن الأرقام تقول غير ذلك؛ 32% منهم يعانون من الاكتئاب الناجم عن الخوف من عدم الارتقاء إلى مستوى التوقعات، و19% من قلق الفشل أو الإصابة، بالإضافة إلى ثنائي القطب، خصوصاً عند الرياضيين المُندفعين بشكل مفرط، وكذلك اضطرابات الشهية التي تشيع عند السباحين ولاعبي الجمباز بنسبة 9%.
ومن هذه الإحصاءات، برزت الحاجة إلى علم النفس الرياضي، الذي أحدث ثورةً في تحسين أداء اللاعبين، من خلال مساعدتهم في الحفاظ على التركيز في مواقف الضغط العالي، والتعامل الصحي مع الطبيعة العدائية للمنافسة، وتعزيز طاقتهم الجسدية والنفسية والذهنية.
كما يستكشف التأثيرات الخارجية للمدربين والأسرة والأصدقاء على الأداء وتحديد العلاج المناسب، مثل العلاج السلوكي المعرفي أو الأدوية، إذا لزم الأمر.
ولا يقتصر تحسين الأداء الرياضي على تدريب العضلات، إذ يلعب الدماغ دوراً محورياً في رفع الكفاءة، وفق ما كشف الباحثون في معهد ماكس بلانك للعلوم المعرفية والدماغية في لايبزغ، عن دور تحفيز مناطق في الدماغ باستخدام تيار كهربائي ضعيف في تحسين أداء 258 رياضياً تنافسياً من ناحية القوة والتحمل والحركة البصرية، مثل كرة السلة والكرة الطائرة، التي تتطلب تنسيقاً بين الإدراك البصري وتنفيذ الحركة الموجهة نحو الهدف.
وبحسب مراجعة بوشامب وزملائه الباحثين لـ150 دراسة في علم النفس الرياضي “غالباً ما يظهر ضعف الأداء في المواقف المصيرية الحاسمة، فيؤثر على القدرة الإدراكية وصنع القرار عند اللاعبين”.
ورغم أن بعض أساطير الرياضة يقدمون أفضل ما لديهم تحت الضغط، مثل ليبرون جيمس ومايكل جوردان، وبالحديث عن كرة السلة، إلا أن العديد من دراسات الطب النفسي الرياضي كشفت عن تقنية نفسية جديدة تُسمى “العين الهادئة”، للحفاظ على التركيز وتجاهل التشتت أثناء تنفيد الرمية الحرة، عبر تثبيت النظر لفترة أطول على السلة قبل التسديد.
ولا يكتمل علم النفس الرياضي بدون قراءة لغة الجسد، وهنا يقول عالم النفس الرياضي دان أبراهامز لصحيفة The Athletic: “تقدم لغة جسد اللاعبين كنزاً من البيانات لكل مدرب ناجح، حيال ما يفكر ويشعر به اللاعب، وفي الوقت نفسه، ليست أحكاماً ثابتة وإنما مجموعة نقاط يعني اجتماعها في سياق معين دلالةً ما”. ويراها المدربون نقطة دخول في نقاش مع اللاعب.. وقد لا يمكن البدء باللعب إذا كانت لغة الجسد سلبية.
ولعل أهم الدروس المستفادة من قصص علم النفس الرياضي، كانت حقبة يورغن كلوب الذهبية مع ليفربول، فهو يعلم أن لكل فرد حدوداً عقلية وعاطفية، لذلك فضّل إعطاء الأولوية لصحته وسعادته على حساب النجاح المهني المستمر.