فيلم “يومين”.. دريد لحام وشروط هيتشكوك

شهد مهرجان بغداد السينمائي العرض العربي الأول لفيلم “يومين” عن قصة للفنان السوري دريد لحام، أخرجها باسل الخطيب، وكتب السيناريو تليد الخطيب، وهو من إنتاج المؤسسة العامة للسينما في سوريا.

وشارك في بطولة الفيلم، إلى جانب لحام، كل من الفنان السوري الراحل أسامة الروماني، ورنا شميس، ويحيى بيازي، وحازم زيدان، ونجاح مختار، ووائل زيدان، ومحسن غازي، ومؤنس مروة، ورهام التزة، ونور الوزير، والطفلان شهد الزلق، وجاد دباغ.

ويحكي الفيلم، الذي تم إهداؤه إلى روح الروماني الذي غادرنا العام الماضي، عن غيث (دريد لحام) وهو رجل سبعيني يعمل في تصليح الأدوات الكهربائية بقرية افتراضية “طرنيبة النهر”، يذهب يومياً إلى أسواق دمشق لشراء حاجيات لمحل البقالة الذي يشتغل فيه مع ابنته الوحيدة المدرّسة سلمى (رنا شميس) المُطلَّقة لعجزها عن الإنجاب.

وكعادته، يستريح في إحدى حدائق دمشق لتناول سندويتشاته، لكنه ذات يوم يجتمع مع طفلين “نغم وصباح” يبدو من نظراتهما إليه أنهما جائعان فيعطيهما طعامه، يشكرانه على كرمه، وعند الحاجز العسكري قبل القرية يهنئه المجند بسلامة حفيديه الواصلَين حديثاً من فنزويلا، ليكتشف غيث أن الطفلين اختبآ في مؤخرة سيارته ليُكملا وجبتهما من الفواكه التي اشتراها لمحله.

الملصق الرسمي لفيلم “يومين” – صورة متداولة

وفي غمرة ارتباك الجد المزعوم وحواره مع الجندي عن كيفية إعادة الطفلين إلى بيتهما، يتسلل الطفلان إلى القرية، ويتابعان اختلاق الأكاذيب بطريقة فنتازية، فما إن يصل غيث إلى طرنيبة النهر، حتى يستقبله أهلها بالأهازيج والهتافات التي تحيي بطولته، ليكتشف فيما بعد أن نغم وصباح أقنعا سكان القرية بمن فيهم ابنته سلمى أنه أنقذهما من عصابة خطيرة للإتجار بالأعضاء البشرية.

وكان في استقباله المختار (أسامة الروماني) الذي يفهم اللعبة من البداية، لكنه يقنع البطل المستحدث بضرورة الاستمرار بالكذبة لأن مسؤولاً رفيعاً سيزور قريتهما خلال يومين بعد انتشار خبر البطولة المزعوم على الفيسبوك، والذي نشره أبو رشيد (يحيى بيازي) مُربِّي الماعز البسيط المهووس بمتابعة صفحة “علِّق بنقطة” وأخبارها.

يرضخ غيث لمطالب المختار، لكنه يبقى قلقاً وغير مرتاح لوجود الطفلين في بيته رغم براءتهما، ورغم محاولاته التواصل مع أهلهما لكنه يفشل مراراً، لأن نغم كانت تعطيه دائماً أرقاماً خاطئة، ونكتشف خلال الأحداث أن هروب الطفلين عائد إلى تعنيف والدهما (حازم زيدان) لهما ولأمهما (نجاح مختار)، بعدما حوَّلت الحرب الأب من صاحب ورشة إلى عامل باطون مياوم يضيِّع كل ما يقبضه من مال على المقامرة والسُّكُر.

ولدى تتابع الأحداث الفنتازية على مدار اليومين، يزور المسؤول (محسن غازي) القرية، لنعلم بعدها أنه إداري من الدرجة العاشرة ما بيده حيلة، ورغم ذلك يفرح المختار لتنظيف القرية وتزيينها، ولو أن ذاك المسؤول لا يستطيع تلبية أي مطلب من مطالب أهلها سواء المعيشية أو الخدمية.

من فيلم “يومين” – صحيفة الوطن السورية

وفي موازاة ذلك، تغذي سلمى حاجتها إلى الأمومة وتسعى لإعطاء الطفلين ما يحتاجانه من عطف وحنان واهتمام، وفي النهاية ينجح غيث في الوصول إلى والدي الطفلين عن طريق الفيسبوك بعدما نشرا على صفحة “علِّق بنقطة” صورة نغم وصباح التائهين، وبطريقة ساذجة يتأكد أبو سلمى من محبة والدهما لهما، وعدم عودته إلى عُنفِه عبر خداعه بأنه رئيس عصابة وقادر على إعادة ولديه شريطة الحصول على كِلْيَتَي الأب، ليتم اللقاء المحتوم وتنتهي الحكاية.

نستشعر خلال الساعتين أن “يوم ثاني” هو استكمال لفيلم الآباء الصغار، من ناحية دور الأطفال في تحريك الحكاية، وإحداث الانعطافات فيها، لكن مع حمولة فكرية مشغولة بطريقة خاطئة عن الإصلاح الاجتماعي وأهمية تماسك الأسرة وعدم تشتت أفرادها، إذ إنها تشجع على الكذب وتجعل منه منجاة وبوابة للسعادة، إضافة إلى الصياغة الخطابية، والتَّصنُّع في المثالية، ما أوقع الشريط السينمائي في مطب التقليدية المنفرة على صعيد السيناريو وما تبعه من تصوير ومونتاج (مجيد الخطيب) وموسيقى تصويرية (رضوان نصري).

شارك المقال: